قبل عشرة أعوام، تحديدًا في موسم الحجّ كانت تمر بنا السيارة بجوار جبل هائل العظمة، قيل لنا بعدها أنه جبل أُحد.. ما كُنت أعلم عنه أكثر من غزوة أُحد وما حدث فيها. فترحمت على حمزة وإخوانه ودعوت الله أن يلحقنا بهم على خير.
وقبل أربعة أعوام، تمر بنا سيارة أخرى بجوار ذات الجبل، فيأتي ببالي صوت المصطفى وهو يقول "أُحدٌ جبل يُحبّنا ونُحبه" فأشعر بقلبي يخفق حُبًا نحوه، حُبًا فيمن أَحبّه لا أكثر ..
منذ ثلاثة أشهر، مرت بنا سيارة أخرى أيضًا بجوار ذات الجبل. تختلف أرقام الأعوام والسيارات وحتى الأشخاص الذين كانوا معي في كل مرة وحتى أنا أختلف في كل زيارة عن التي سبقتها .. والوحيد الذي يقف هناك ثابتًا بثقله وعظمته وهيبته هُو أُحد ..
في المرة الأخيرة، حدثت نفسي أنني قرأت في مكان ما عن صحابيّ ضعيف البنية، دقيق القدمين، قال عنه الرسول جبرًا لخاطره وإجلالًا لعلمه "تضحكون من دقة ساقيه، والذي نفسي بيده , لهما أثقل في الميزان من أحد" . لم أكن أذكر اسم الصحابي الجليل، ونسيت أن أبحث عنه بعدها.
يشاءُ الله أن ألتحق بدورة تشرح دور القرآن وأهمية التمسك به والتدبر فيه، فوالله ما روى شيخٌ مقولة هزّت فؤادي إلا ووجدت راويها عبد الله بن مسعود! حدّثتُ رفيقتي بهذا فوجدت حالها من حالي!
ومنذ فترة أيضًا شرعت في إعادة قراءة رجال حول الرسول، بتمعن أكثر وبقلب مُحب مُشتاق يبحث عما يروي عطشه بين السطور، قلب مليء بالندوب تماماً كأسفنجة جافة متشققه وُضعت في نهر عذب فرات.. فلما وصلت لابن مسعود عرفت أنه هو هو الذي يثقل أحدًا في ميزان الله.
وليس من سمع كمن شهد، فالذي يرى أُحدًا سيعلم ماذا يعني أن تكون قدما عبدٍ من عباد الله أثقل منه! .. رحم الله ابن مسعود فقد مُليء فقهًا، ورزقنا الله أن نسمع القرآن غضًا طريًا كما أُنزل على الرسول من شفتي ابن مسعود.
-
زهرة الوهيديأكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)