تشير الأدبيات الأكاديمية إلى أن مفهوم المعرفة يعود إلى عصور تاريخية قديمة، فالإنسان على مرّ التاريخ مارس ما يعرف بعملية التعلم التي تعدّ في مضمونها عملية اكتساب للمعرفة، كما أن المعرفة بمختلف أشكالها أصبحت تلقى اهتماماً كبيراً في الآونة الأخيرة نتيجة للتطورات الهائلة التي شهدها العالم خصوصاً بعد النصف الثاني من القرن العشرين، مما دفع بالكثيرين إلى أن يطلقوا على هذه الفترة اسم الثورة المعرفية.

إن مصطلح المعرفة هي: رؤيتنا، أفراداً ومجتمعات، لعالم الواقع وهي الرؤية التي تشمل مجموع الاستنتاجات التعليمية والخبرات المكتسبة والأحكام الشخصية التي تنشأ نتيجة للتعقل والتجريب والممارسة العملية والتجارب الذاتية، ويمكن تمثيلها واختزالها وتقديمها للآخرين من خلال وسائل التمثيل والاتصال المختلفة مثل: اللغة الطبيعية، الأصوات، الصور، والأشكال....الخ، وذلك طبقاً لقواعد محددة.

تعرّف المعرفة على أنها المزيج السائل من التجربة المؤطرة، والقيم والمعلومات السياقية وبصيرة الخبير التي توفر إطار عمل من أجل تقييم المعلومات والتجارب الجديدة. إنها تنشأ وتطبق في عقول المعرفيين. في المنظمات غالباً ما تصبح مضمنة أو مطمورة ليس فقط في الملفات أو المستودعات، لكنها أيضاً في الروتينات التنظيمية والعمليات، والممارسات والمعايير.

إن أي تعريف موسوعي لمصطلح المعرفة يجب أن يتضمن جانبين هامين يوضحان المفهوم بشكل جيد: 

- الجانب الأول: تقني، يتلخص في استخدام وتوظيف تقانة المعلومات (الأجهزة والبرمجيات ووسائل الاتصالات)، في الاشتغال على المعلومات من أجل الحصول على المعرفة.

- الجانب الثاني: بشري، يتناول المعرفة من خلال رؤية الأفراد للواقع الذين يعيشونه، وهذه الرؤية هي ما يقوم الكائن البشري بترجمته إلى معرفة يمثلها بعدد من الأشكال، حسب حاجته لهذه المعرفة.

كخلاصة، يمكن القول إنه على الرغم من توافر عدد كبير من التعاريف اللغوية أو العملياتية لمصطلح معرفة، إلا أن المعرفة تستخدم على أساس كونها الأفكار أو الفهم الذي تبديه كينونة معينة (فرد، مؤسسة، مجتمع)، والذي يستخدم لاتخاذ سلوك فعّال نحو تحقيق أهداف الكينونة التي أوجدتها. ولابدّ لنا من أن نميّز بين (المعرفة والمعلومات)، فعلى الرغم من عدم وضوح الحدود الفاصلة بين المصطلحين، إلا أنهما ليسا وجهين لعملة واحدة. فالمعلومات هي ما ينتج من معالجة البيانات التي تتوالد في البيئة، وهي تزيد مستوى المعرفة لمن يحصل عليها، وهذا يعني أنها أعلى شأناً من المعلومات، فنحن نسعى للحصول على المعلومات لكي نعرف(أو نزيد معارفنا). وتتواجد المعرفة في العديد من الأماكن مثل: قواعد المعرفة، قواعد البيانات، وأدمغة الأفراد، وتنتشر عبر المجتمع ومنظماته.