لمّا رآني غضَّ طرْفًا حَدَّقا

. . . . . . . . . . . . يا ليتَه فهِمَ العيونَ وصَدّقا

يا ليته أصغى لمُنيةِ سائلٍ

. . . . . . . . . . . . فحثا له مِن وصْلِه .. وتصدّقا

أو ليتَه حالَ الغوايةِ قالَ لي

. . . . . . . . . . . . شيئًا .. يخيّبُ ظَنَّ قلبي الأحمَقا !

أنا كونُهُ الباكي عليه .. فصيحتي

. . . . . . . . . . . . رعْدٌ .. ودمعي كلُّ غيثٍ أودقا

لو كان يدري سحَّ دمعِي لانثنى

. . . . . . . . . . . . كي يكفِتَ الجِلبابَ .. كيلا يَغرقا

لمّا مررْتُ - مُسلِّمًا - بِكَ أرتجي

. . . . . . . . . . . . رَدَّ السلامِ .. فلم ترُدَّ وتنطِقا

فغصصتَني بمُناي مِنكَ .. تركتَني

. . . . . . . . . . . . طِفلًا .. تجرّعَ لُقمةً .. و"تشردَقا"

ما دُمْتَ تعلَمُ أنّ هجرَكَ قاتلي

. . . . . . . . . . . . فعلامَ تتركُني يداكَ مُعلّقا ؟

كالخافقين أطيرُ .. بل كالمُقلتين

. . . . . . . . . . . . أذوبُ وَجْدًا .. كالحَنينِ مُمزّقّا

كالدمعتَين إذا التقينَ بوجنةٍ

. . . . . . . . . . . . والعاشقَين وقد تناءى المُلتقى

من مُبلغُ العينينِ ألّا تدمَعا؟

. . . . . . . . . . . . من مُبلغ القلبينِ ألّا يقلقا ؟

**

قلبي بدينِ الحُبَّ شكَّ ولم يزلْ

. . . . . . . . . . . . عرَضًا له لا جوهَرًا متذوِّقا

لا يفقهُ التفسيرَ في أعراضِه

. . . . . . . . . . . . - جهلا - ؛ ومَن جهلَ الحبيبَ تزندَقا

حتى إذا ما القلبُ أبصرَ آيةً

. . . . . . . . . . . . - لمّا رأى عينيكَ - آمنَ واتّقى

يا حُضْنَ أمّي والحَنانُ يضمُّني

. . . . . . . . . . . . مَن عَلّمَ المولودَ ألا يعقُقا ؟

مَن علّمَ الرجلَ الكبيرَ عِنادُه ..

. . . . . . . . . . . . وهْو الصغيرُ فؤادُه أن يعشقا

من أذكرَ الصبَّ العميدَ حنينَه ؟

. . . . . . . . . . . . أو من ترى أنسى الفتاةَ المنطقَا ؟

من عالجَ السالي لينسَى قلبه ..

. . . . . . . . . . . . في قلبِ أخرى تُيّمتْ .. فتفرّقا؟

من ذا الذي لم يُنسِها حُبَّ الذي ..

. . . . . . . . . . . . لم ينسَ إلا قلبَها المُترفّقا؟

كسفينةِ المِسكين ينجو أهلُها ..

. . . . . . . . . . . . مِنها .. إذا مَا الخِضْرُ فيها خَرَّقا

اركب هُنا معنا بزوج مودّةٍ ..

. . . . . . . . . . . . لن يعصِمَ اللهُ المُكابرَ .. مُطْلقا !

في القلبِ لا تنجوْ بدونِ سفينةٍ

. . . . . . . . . . . . حتى ولو أصلحْتَ يومًا زورَقا

في القلبِ ليسَ الحبُّ إلا واحدٌ ..

. . . . . . . . . . . . هُو هكذا .. يُبدي التَّراحُبَ ضَيّقا

وتدورُ أفلاكٌ .. بدونِ نهايةٍ ..

. . . . . . . . . . . . حتى نُغازِلَ كَوكبّا .. ونُعلِّقا

لا تعذلِ القلبَ الشفيفَ بعشقِه ..

. . . . . . . . . . . . حتى تُجرِّبَ أن تذوبَ وتَعشقا

شعري كما العصفور .. ليس يثيره

. . . . . . . . . . . . شجنًا .. سوى أحزانِه .. فيُزقزِقا !

محمود صقر الصقور

28-8-2015

___________________

تشردقا : يقول العامة تشردق الطفل اي شرق وغص بالماء أو بالطعام وليت أن أهل العربية يضيف هذه الكلمة إلى المعاجم لأنها تناسب الشراب والأكل كليهما