الانحدار إلى أعلى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الانحدار إلى أعلى

قصة قصيرة

  نشر في 07 أبريل 2023 .

الإنحدار إلى أعلى

بقلم / حسن غريب

__________________

ما كل هذا يا اخى الذى ألم بك من الجنون و الجوع و البكاء ؟ حتى الصرخة العمياء فى كفن الصمت تتوغل فى النسيان و ترسم للمستقبل زمنه الأسود ، حتى البلابل و سفر الأحزان تنام بين جفنيك .

لم تكن ميتة سعدية ميتة طبيعية هذا ما شاع فى الحى و هذا ما أثبتته تصرفاتك .

و لكن الطبيب أثبت إنها ماتت نتيجة لارتفاع فى ضغط الدم ، لقد أصبحت وحيداً يا حمدان بكل ما تملى إليه الوحدة من ملامح القلق و الضجر و الإنفراد . كنت عندما اقترب منك تهرب منى و تذهب لتجلس تحت شجرة النخيل الهرمة مقابل بيتنا القديم بالقرب من البحر ، و كنت أرى بعينيك أكثر من دمعة حزينة تنهمر و تنزلق على خديك أكثر باتجاه مستقبل غامض فتنزلق بحزن عميق ، و ماذا بعد ذلك ، لقد تركت المدرسة بعدما ضربك المعلم و هربت و لماذا ضربك ؟ لماذا هربت ؟ لقد غبت أسبوعاً عن المنزل و أمك خرجت إلى الشارع حافية القدمين عارية الرأس تهيم على وجهها تبحث عنك و كأنك طفل صغير أراك تغفو على قبر سعدية و يأخذك الصباح على حين غِرةّ .

حمدان – فى كل زمان و فى كل مكان أنت كالبحر فى غموضه و كالريح فى اغفاتها الطويلة على وسادة سوداء تصنعها هموم الزمن ، كيف ماتت سعدية يا اخى ؟ قل لى أيها الباقى الحزين الصمت الذى فى عينيك يتحول إلى كتلة من الحاسيس و المشاعر ، و تغزو أحلامى و تعود بى إلى ماض أسود يفتش بين خفايا الأيام و قصائد النسيان .

حمدان : - ما الذى دهاك ؟ أى طريق اتبعت حتى وصلت إلى هذا الوضع البائس أخى ما الخبر يا حبيبي ؟

أجب يجب أن تتكلم الزمن فى عينيك سؤال يجف أشواك النهار و الليل أمامك و لا أرى خلفك غير صحراء واسعة مليئة بالعواصف و الضباب هذا رأسى بين أغمرنى بأوجاعك و أحرفنى بأنفاسك اقتلنى و لكن لا تنقسم بك ، لا ترحمنى بعينيك و لا تهجرنى بسمات شفتيك و لكن لا تسقط لا يمكن أن تكون مجرد رجل لك عينان حزينتان تجمعان أحزان الليل بنظرة واحدة ،لا يمكن أن تكون قطعة من جليد تحارب خيوط الشمس الحارقه ،إنك أكثر من أخى يا حمدان إنك صديقى لذا يجب أن تكلمنى .

أتذكر عندما رجعت إلى البيت فى منتصف الليل ؟ كنت لا أدرى مستيقظا أتذكر ما جرى ؟ أخذت تحدثنى كالسكران لقد كنت مجنونا ، اخذت تقول كلاماً لم أستطع فهمه و كانك أخرس جاءته نعمة النطق من جديد فلم يعرف ماذا يقول .

لقد قلت لى إن فى الحياة مزابل كثيرة و متعددة و لكن أى مزبلة تناسبنى أو تناسب حزنى ذلك الذى يزاوج حياتى ، و قلت لى إن الخطيئة ليست من صنع الإنسان و ليس من هو يبتكرها و لكنها لعبة حمقاء تولد فى الأحشاء و لا يستطيع أن يلعب بها أى حورية أو دونها أخذت يا حمدان تكلمنى عن الحورية..

أية حورية ؟ أهى تلك الشقراء أم حورية حسناء ؟ تجلس فى أفاق المستحيل ينتظرها ألف عاشق بلهفة مجنونة أم تلك الشاردة كغزال بعيد يفتش فى هذا الزمن الغارب عن ملجأ بارد يقيه من حرارة الأسباب المتراقبة و عيناك مطويتان استمرتا بموجتين و اغتسلتا بالأسى و لكنهما تبحثان عن أمير مجنون. لماذا قتلت سعدية يا حمدان ؟ و لماذا أخفيت السر؟

إننى أرى كل شئ فى عينيك لقد جعلت من أهدابك مزبلة للتدخين و اسقطت عن جسدك رداء الحقيقة و أطلقت إلى شفتيك أوساخ الأرض وما يعكر صفو الليل .

لماذا سرقت خزينة الشيخ التى يمتلكها شيخ القبيلة ؟ و أين ذهبت بهذه الأموال ؟ هل أنفقتها على المحرمات و الست لواحظ ؟ و إنك تعيش فى الخطيئة بل إنك الخطيئة و زمنها ، و إنك شبح الموت الذى يحوم حول الروح البشرية النقية .

اتذكر يا حمدان عندما سألتك ما هو الموت ؟ و لماذا يموت الإنسان ؟

أخذت تحدثنى بلهجة العارف المتمرد .

هل لى تسألنى عن الموت لقد سمعت أمى تتحدث أكثر من مرة.

إنه مارد يا أخى .

مارد أحمق يأخذ منا أجمل الأشياء وأرقها . إنه حاجز صمت كبير يفصل أرواحنا عن الحب

الموت أن تموت و أنت مازلت حياً ، إنه امرأة تجلس فى مقهى بعيداً بعيداً جداً يحتضنه شارع البكاء ذلك الشارع الطويل ،شارع الحزن الأسود .



  • حسن غريب
    عضو اتحاد كتاب مصر عضو نادي القصة بالقاهرة عضو أتيليه القاهرة للفنانين والكتاب عضو نادي القلم الدولي
   نشر في 07 أبريل 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا