لوحة فنية (10) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لوحة فنية (10)

الجزء العاشر

  نشر في 15 يناير 2019 .

إن الغابة التي تحدثت عنها ليزا تحيط بالبلدة من كل ناحية لذلك يسهل إيجادها و دخولها من اي جهة. ولهذا لم تجد زمردة اي صعوبة في المشي نحوها لكنها كانت فقط تشعر بالحيرة القاتلة، فلا تعلم أي مكروه ينتظرها.

وقفت أمام تلك الغابة الداكنة وحيدة تتأملها بحذر تام، تتخيل أشياء كثيرة و كأنها ترغب في الهروب. لكن فجأة سمعت صوت أحدهم يناديها، إنه ماثيو يمطتي حصانه الأشقر، يرغب في أن يصل إليها قبل ان تدخل الغابة ربما ليحذرها من أمر ما أو ليتمنى لها حظا طيبا.

لكنها لم ترغب في أن تسمع منه شيئا فليس لديها وقت للإستماع لعجرفته لهذا دخلت مسرعة دون أن تضحي بدقائق من وقتها من أجل ماثيو المزعج. الغريب أن ماثيو تبعها و دخل الغابة بالرغم من أن الخطر قد يطاله في اي لحظة.

في هذه الأثناء ظلت تمشي زمردة بخطى ثابتة الى الأمام، لكن فجأة خيم الضباب أنحاء الغابة رغم أن الطقس والمناخ في الخارج ربيعي. وما لاحظته أن الغابة مليئة بالحطب إنتشرت هنا و هناك اكوام منها، و أشجارها بعضها مزال قويا و البعض الاخر سلبت منه الروح و قطعت أغصانه و فروعه إلى حطب كثير . أما الاعشاب و الورود و الحشرات و الطير و الحيوانات و كل شيء ممكن أن ينمو في هذه الغابة قد إختفى. إنه أمر مروع يبدو أن السحر قد أعطى مفعوله جيدا. لهذا السبب وجدت زمردة الغابة في حالة رثة و مخيفة.

وأخيرا إستطاع ماثيو أن يجد زمردة في ظل هذا الضباب لقد لمحها واقفة هناك. إقترب أكثر و أكثر لكنه لم يكن يقترب منها أبدا فناد بأعلى صوته مرات و مرات. لكنها لم تجب. في الواقع ماثيو في ورطة لقد تمكن منه الضباب و تسلل إلى عقله و سيصاب بالإغماء إن لم تعثر عليه زمردة و تنقذه.

إن اللعنة التي ألقتها الساحرةالشريرة يمكن أن تمحى إذاعثرت زمردة على حفرة عميقة موجودة في قلب الغابة تحديدا، و المطلوب منها أن ترمي بداخلها كل ذلك الحطب المنتشر و لا تترك أي قطعة ثم تشعل النار، لتحترق الغابة بأكمالها و يزال السحر الأسود معها. لكن لم تكن تعلم هذا السر وعليها إكتشاف ذلك، حتى تتمكن من إنقاذ حياة المملكة.

بينما كانت زمردة تتجول و تكتشف بحذر معاليم الغابة التي لم ترى فيها غير الأشياء المتشابهة. رأت شيء ما تحت شجرة مقسومة الى نصفين فتقدمت أكثر لتتعرف على ذلك الشيء، إنه ماثيو مغما عليه، فهرعت إليه و صرخت في وجه حركته جانبا مسكت يديه، سمعت نبظ قلبه، لكنه لم يستفق، إنه خطأها لأنها لم تعره إهتماما عندما أراد الحديث معها. لهذا حصل له هذا الإغماء، عليها ان تتحمل مسؤوليتها بالكامل و تنقذه. من أين تأتي بالماء لتقظه، و الغابة لا ينمو فيها غير البؤس والشقاء. لكنها لم تستسلم و قررت الذهاب إلى البلدة لإحضار الماء و الدواء في غفلة عن الأميرة ليزا و باقي اهل القرية. أو ستقع في ورطة جراء فعلتها، ربما لو انتظرته لكان أفضل من حماقتها تلك.

تركت زمردة ماثيو في حالته تلك و انطلقت نحو البلدة، رغم أن طريق الخروج من الغابة أخذ منها الكثير من الوقت لتجده جراء الضباب لكن خوفها على الأمير ماثيو منحها قوة لتخرج من الغابة و لتصل إلى غرفتها في وقت الغروب تقريبا. وجدت ما تحتاجه و همت بالخروج نحو الغابة لكن الأميرة ليزا لمحتها من بعيد فندتها، لتسألها عن ما مرت به اليوم.

ذهبت إليها رغما عنها فلا وقت لديها لتتحدث معها عن اليوم و عن الرعب الذي مرت به جراء إغماء الأمير و تأخرها عنه.

أسكتت زمردة الأميرة ليزا بكلمات تبعث على الاطمئنان و الراحة و استأذنتها بالذهاب، شعرت ليزا أن أمرا ما يحصل لكنها لم ترد ان تجبر زمردة على الحديث. و الحال أنها في عجلة من أمرها. و ظلت تتبعها بنظرها و هي تركض نحو الغابة.

خيم الليل على الغابة فوجدت زمردة صعوبة في تعرف على تلك الشجرة اين تركت تحتها ماثيو. و بدأ قلبها يخفق خوفا على الأمير و يديها ترتعيشان. لقد مضت نصف ساعة وهي تبحث عنه. و فجأة لمحت شيئا. إنه ماثيو في نفس المكان مزال في حالة من الغيبوبة. إبتسمت فرحا فاطمئن قلبها و توقف عن خفقان. جثت على ركبتيها و أخرجت الماء و الدواء، أطعمته الدواء و بللت وجهه بقليل من ماء فتحرك ماثيو قليلا و فتح عينيه تدريجيا فوجد زمردة مبتسمة تنظر إليه، ففزع و تحرك جانبا و أدار وجهه إلى الناحية الأخرى، يبدو أنه غاضب، فسألتها زمردة متعجبة:

_ "ما بك أيها الأمير !؟ أتريد بعض من الماء؟ لماذا تتجنبني؟ لقد أنقذتك أيعقل أن ترد لي معروفي هكذا؟".

لكنه لم يجبها قط، و لم ترغب في الضغط عليه الأكثر لذلك خيم الصمت على المكان. فجأة شعرت زمردة بالجوع و سمع ماثيو عصافير بطنها و هي تتذمر من الجوع، تنهد ثم قال:

_ "يوجد بعض الطعام في حقيبة على ظهر حصاني سأذهب لأحضرها و آتي .. . إنتظريني هنا".

لكن زمردة مسكت بيديه وقالت "

_" أرجوك لا تتركني وحيدة... فالظلام حالك و الضباب مخيف ... لايهم إن كنت جائعة أو لا يكفي أن تمر هذه الليلة على خير ... "

لكنه لم يستمع إليها و ذهب ليحضر إليها شيئا تأكله. وعاد بعد زمن قصير يحمل تلك الحقيبة. في حقيقة الأمر هو يعلم كيف يتجول في هذه الغابة و يعرف كل طرقها، خاصة طريق الخروج. لهذا لم يته او يضيع مثل زمردة. أكلت التمر و التوت و الخضراوات و العنب التي منحتها طاقة و تركت القليل لماثيو الذي تظاهر بالشبع لكنها ألحت عليه ان يأكل حتى لا ينهار و يغمى عليه من جديد. و وافق بعد إلحاح شديد.

و بعد أن شبعت زمردة شعرت بالنعاس فنامت دون أن تدرك أنها إستسلمت للنوم سريعا، و لايجب ان تنام في هذه الغابة الموحشة، لذلك حملها ماثيو بين يديه و توجه بها إلى حصانه ليعود بها إلى القصر. و بينما هو يتقدم نحو طريق الخروج حتى شعر أنه أبله كبير و أحمق مختل، لماذا لا يبقى معها في هذه الغابة و يساعدها في حل اللعنة، ربما يصبح بطلها، هكذا ظل يفكر و يستنتج، إلى ان قرر أن يجد مكانا مناسب و يقضيان فيه بقية الليل. هكذا يحسن استغلال الفرصة التي منحتها له الطبيعة.

يتبع..... 


  • 1

   نشر في 15 يناير 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا