"مريم"
الإسلام لوحة لها إطارمحدد، جزء منها مرسوم ومتروك جزء آخر لنا، نرسم ونكتب فيه ما نريد,كما يمكننا محو مالا نريد , لكن ضمن اطار محدد هو اطار اللوحة وفقط في الجزء المتروك لنا دون المساس بجوهر ما هو مرسوم اساسا..
القرآن حقيقة وهو كلام الله, ولنا أن نتخيل قصصه دون الزيادة فيها أو النقصان..فالحقيقة موجودة والخيال متاح..
ان كل لحظة نعيشها كانت يمكن أن تكون لحظة موتنا أو استكمال الباقي من حياتنا،وما كان علينا الا ان نكون مستعدين لها ..واقصر الطرق اليها هو التذلل للخالق جل وعلا..أن نذهب بضعفنا الى الواحد الأحد...ألسنا أرواحنا, وما أجسامنا سوى كوة نطل بها على الحياة؟.. أليس وجود الله نتحسسه بالفطرة السليمة كما ترى العين السليمة الشمس في وضح النهار.
وردت في كتاب الله "القرآن" قصص كثيرة وهي أحسن القصص, وهي تحتوي على مسلمات, وعلينا كمسلمين أن نتعامل مع تلك المسلمات كما هي دون فلسفة أو تأويل, أليس الاسلام هو الاستسلام لله وحده مؤمنين بقضائه وقدره؟..وعليه لا يجوز أن نبرهن على صحة المسلمة بمعلومات أقل منها يقيناً، لذلك نستطيع الإحساس بوجود الله مباشرة والاستدلال عليه، ولكن لا يمكن البرهنة على وجوده لأن وجوده أكثر المسلمات يقيناً..أليس كذلك؟
من قصص القرآن التي استوقفتني هي قصة مريم, والتي خاض فيها اليهود والنصارى ولغوا فيها, ورووها بكثير من الاسقاطات الشاذة والمصطلحات الوضيعة!!
قال تعالى:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا(16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا(18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا(20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا(21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا(22)
اعتزلت مريم عليها السلام قومها في مكان شرقي بيت المقدس هو ما يسمى الآن بيت ساحور, وتوارت عن الأنظار, ثم جاءها جبريل عليه السلام على هيئة بشر, فاستعاذت بالرحمن منه أي التجأت واعتصمت بحبل الله منه..فبشرها بغلام قائلا ان هذه ارادة الله...
"بعد أن ذكر قصص زكريا عليه السلام وأنه أوجد منه في حال كبره وعقم زوجه ولدا زكيا مباركا - أردف ذلك بذكر قصص مريم وأنه أنجب منها ولدا من غير أب، وبين القصصين مناسبة ظاهرة، ومن ثم ذكرهما مقترنين في سورة آل عمران وهنا وفى الأنبياء، وبدأ بقصة يحيى لأن خلق الولد من شخصين فانيين أقرب إلى مناهج العادات من خلق الولد بلا أب، ثم ثنّى بقصة عيسى لأنها أغرب من تلك"
"ومن حسن طرق التعليم والتفهيم التدرج بالانتقال من الأقرب منالا إلى أصعب منه، وهكذا صعدا".
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكانًا قَصِيًّا (22) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)
نعم, اعتزلت مريم عليها السلام أهلها وقومها الى مكان بعيد , وعندما جاءها الطلق (الألم الذي يرافق حركة الجنين للخروج ), تجهمت وقالت يا ليتني مت قبل هذا , وتمنت أنها كانت منسية من الناس ولم يذكرها أحد..وأمرها بهز جذع النخلة – لأن التمر والرطب- كالزيتون والتوت يضرب أو يهز فيتساقط , وقال ان سالك البشر فقولي اني نذرت للرحمن صوما( أي صمتا وسكوتا)
ان القرآن يروي ثصة حمل مريم بطريقة مهذبة, فوصف حملها أنه تم بطريقة النفخ " فلما قال لها جبريل ما قال: استسلمت لقضاء الله، فنفخ جبريل في جيب درعها (الفتحة التي من الأمام في القميص) فدخلت النفخة في جوفها فحملته قاله ابن عباس، وقال غيره: نفخ في كمها، والقرآن قد أثبت النفخ فقال: فنفخنا فيها من روحنا » ولم يعين موضع النفخ فلا نجزم بشىء من ذلك إلا بالدليل القاطع، وحينئذ اعتزلت بالذي حملت وهو عيسى عليه السلام مكانا قاصيا عن الناس"
ماهر (باكير)دلاش
نشر هذا المقال في موقع نظرات مشرقة
http://www.natharatmouchrika.net/index.php/articles/islamiyat/item/6657-2021-06-12-18-25-58
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير