مطالبنا التنويرية

بعد عقودِ طويلة بدأ المجتمع يتخلص تدريجياً من هرطقات الصحوة وأدبيات الأيديولوجيا الدينية المتطرفة فتغيرت أشياء وولدت أشياء لم يكن يتوقعها أحد والقادم يحمل بجعبته الكثير من الحيوية على كافة المستويات ، المجتمع بدأ يُفكر فيما ينقصه بعد أن خرج من عنق الزجاجة وبدأ يُرتب أولوياته ولكل فردِ نظرته الخاصة تجاه بعض الملفات العالقة ، لكي ينطلق المجتمع نحو التنوير فإن هناك مجموعة من الأساسيات التي هي مطالب يتفق عليها كل فردِ يتطلع للمستقبل ، المواطن السعودي والمواطنة كذلك لديهم من المطالب التنويرية ما يكفي لتغيير وجه وواقع وطنهم الذي يستحق الأفضل ، الاصلاح السياسي والإقتصادي وإصلاح المنظومة الاجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية بدلاً من ترميمها جميعها مطالب يتفق عليها المواطنون ذكوراً وإناثا ، هناك حزمة من القوانين التي يجب إقرارها كقانون الوحدة الوطنية ونبذ الكراهية أيضاً هناك المشاركة الشعبية في المراقبة والمحاسبة يجب أن تأخد بُعداً يُماثل عملية الإنفتاح فالمشاركة الشعبية الحقيقية والمؤثرة تكون عبر مؤسسات منتخبة وهذا ما يجب أن يكون عليه مجلس الشورى بعد 28 عام من إنشاءه ايضاً يجب أن تكون عبر مؤسسات المجتمع المدني وهذا يتطلب تفعيلها وتشجيع القائم منها على أداء دوره بالشكل الصحيح ، أيضاً يجب أن تسير عجلة الإصلاح بإتجاه مجالس المناطق والمحافظات لتصبح مجالس مُنتخبة بشكلِ كامل فبقاءها مجالس بالتعيين يعني تأخر التنمية ويعني غياب المشاركة الشعبية في نطاقها الضيق بالمناطق والمحافظات والتي تتطلع لمزيدِ من التنمية والحلول العاجلة لقضايا تنموية متأخرة ، لا يمكن للتنوير أن يحقق نتائج على أرض

الواقع والفقر والبطالة في تزايد وهذه معضلة بحاجة لحلولِ عاجلة فكثيرُ من الجرائم ترتبط بالفقر والبطالة بشكلِ ووثيق ولايمكن بأي شكلِ من الأشكال تجاهل أو التقليل من حجم ذلك الرابط ، المعرفة والتنوير بحاجة لقرار سيادي والإصلاح كذلك فليس من الممكن الإنطلاق نحو المستقبل بعربة الماضي وهنا يجب التخلص من مُخلفات الصحوة كإغلاق المحلات التجارية بأوقات الصلاة والتي بسببها تعطلت مصالح البلاد والعباد ، والتخلص أيضاً من الوعظ وترشيد أعمال الخير وعدم إقتصارها على المساجد ودور تحفيظ القرآن وهذه بحاجة لتنظيم ومتابعة فالواقع لم يعد يحتمل وجود تلك المُخلفات المتشددة التي تُعيق الحياة والتوازن وتؤخر عربة الإصلاح بإسم الصلاح ، لا يمكن للتنوير أن يشع والفرد مُهمش وتنقصه أساسيات الحياة كالصحةِ والسكن والحد المالي المقبول للحياة الكريمة ولا يمكن للتنوير أن يشع والفرد ليس له دور في هذه الحياة ولا يمكن للتنوير أن يشع ومواطنته وخياراته وحريته عُرضه للتكفير والتخوين والإستنقاص ولا يمكن للتنوير أن يشع والفن يطل علينا برأسه على خجل ولا يمكن للتنوير أن يشع ونصف المجتمع مُحاصر بفتاوى وإجراءات إدارية قدمت الفتوى على الحق الإنساني البديهي ولا يمكن للتنوير أن يشع دون وجود تعددية فكرية تضع حداً لإحتكار الفضاء المعرفي والواقع الاجتماعي ولا يمكن للتنوير أن يشع والإيديولوجيا الدينية المتشددة ترفض الإختلاف وتشرعن الخلاف والصدام بين أطياف المجتمع الواحد ، ولا يمكن للتنوير أن يشع والليبرالية والعلمانية خيارات فردية وليست خيار مجتمعِ بأكمله وهذا لا يعني الفرض بل يعني محاصرة التشدد والتطرف الذي يحاول منظروه أن تكون غالبية أفراد المجتمع نسخة طبق الأصل منهم ، التنوير ليس مرحلة قادمة بل خيار لا مناص منه إذا أردنا البقاء والإستمرار فالتنوير ليس داء كما يعتقد البعض بل دواء قاتل للأمراض التي يمكن أن تُصيب الأوطان وساكنيها فلنرحب بالتنوير ونوفر له الأرضية المُناسبة لينمو ويترعرع ويستظل المجتمع بظله .

‎@Riyadzahriny