رغم صغر الكتاب إلا أن كاتبه الشيخ محمد الخضري أبدع فيه غاية الإبداع، فالكتاب يحتوي على زخم كبير من المعلومات المهمة ، حيث ألم بكل جوانب حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من بداية خلقه وذكر النسب الشريف لأبيه عبد الله وأمه أمينه، إلى رضاعته ووفاة أبيه ثم أمه ليتولى تربيته جده عبد المطلب قبل عمه أبو طالب،مع ذكر الحالة التي كانت عليه العرب من حروب بالموازاة مع مراحل نموه التي كانت مليئة بالبشارات.

الشيخ محمد الخضري ذكر مدى حب أبو طالب لنبينا للصفات التي كان يتوفرعليها والتي جعلت كل قريش تحبه قبل بعثته، كل هذه القصص والمراحل ذكرت في قلب سلس وفي روايات قصيرة وسهلة في غالب الأحيان،دون الغوص في الشرح المطول الذي كانت تحتاجه بعض مراحل عرض الكتاب في نظري.

الحالة الإجتماعية لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت حاضرة أيضا في الكتاب، فذكر عمله في رعي الأغنام وأمانته التي دفعت السيدة خديجة رضي الله عنها تطلب منه العمل معها قبل أن تخطبه لنفسها بعد رؤية أمانته وحكايات ميسرة الذي كان المرافق له في تجارته.بعد هذا الزواج المبارك بأمنا خديجة بدأ سيدنا محمد بحب الخلوة في جبل الطور وبالضبط في غار حراء الذي نزل عليه فيه الوحي لأول مرة في القصة المعروفة.

بعد سرد قصة الوحي عرف الكاتب بأشخاص فضلاء و هم الصحابة رضي الله عنهم وقص بداية إسلامهم وكيف سطع فجر الدين الإسلامي العظيم الذي بدأ برجل وإمرأة ليصل لمشارق الأرض وغربها بعدها،رغم أن بداية التوسع كان ببطء،ليخرج بعد إسلام عمر رضي الله عنه لأهل مكة وهم قريش الذين قابلوه بالصد والتعدي على المسلمين الضعفاء بكل أنواع العذاب ونعت الرسول صلى الله عليه وسلم بأبشع الصفات،لتأتي الهجرة إلى الحبشة وتتوالى الأحداث وتضيق مكة على المسلمين الذين لم يهاجروا حيث ذاقوا من مشركي مكة الويلات لتأتي الهجرة إلى المدينة ويبدأ الإسلام بالتوسع وتبدأ شوكة المسلمين تتقوى.

بعد الهجرة ركز الكاتب على ذكر السرايا التي كان يرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لرد حق المسلمين الذي سلب منهم في مكة،وبعد عدة سرايا تأتي أول حرب بين المسلمين وهم قلة مع المشركين الذين كانوا في كثرة،ويتحقق أول النصر الذي جعل كل العرب تحسب ألف حساب للمسلمين وبدأ المسلمين يتكاثرون.

واصل الكاتب بذكر السرايا والتعريف بالأحداث المتواصلة والمتلاحقة في قالب يجعل القارئ يعيش هذه الأحداث بشغف ويندمج مع الكتاب بشكل كلي.

في ظل هذا السرد يعرف الكاتب بأسماء وازنة صنعت بداية تاريخ الإسلام كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي و عبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير بن العوام و زيد بن حارثة وابنه أسامة والعباس وأسد الله حمزة وسيف الله خالد بن الوليد وأبا سفيان رضي الله عنهم أجمعين وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كخديجة وعائشة وأم حبيبة وحفصة وسودة وصفية وزينب بنت حزيمة وأم سلمة وجويرية وزينب بنت جحش رضي الله عنهما،وأولاده كفاطمة وأم كلثوم وإبراهيم والقاسم الذي كان يكنى به وعبد الله وزينب ورقية رضي الله عنهم.ثم ذكر الكفار والمشركين والمنافقين كالوليد بن عتبة وأبي لهب وعبد الله بن أبي و القائمة طويلة لهم من الله ما يستحقون،كل هاته الأسماء وغيرها كثير ذكرها في سياق الحديث، راسما خيوط السيرة العطرة بكل دقة ومحاولا الإبتعاد عن الأحاديث الضعيفة والقصص التي فيها كلام أو شك.

صفحات الكتاب لم تخلو من المرور على غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كغزوة أحد وبدر ومؤتة وتبوك وخيبر...إلخ،كما تكلم على نهاية كبار المشركين والمعاندين ثم قص قصة يهود المدينة وغدرهم المتواصل بالمسلمين ونفيهم من المدينة ليرتاح منهم المسلمين وبعد ذكر أحداث كثيرة وصل للحديث عن نزول آخر أية من القرآن الكريم مع إختلاف العلماء في إن كانت هي آخر أية نزلت" ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) " [المائدة:3]،مع سرد قصة مرض أفضل خلق الله ثم موته ووصف حالة المسلمين عندما علموا بموته.

في آخر الكتاب أبدع الكاتب في الحديث عن مناقب وصفات حبيبنا في ورقات من أفضل ما قرأت لينهي الحديث بالكلام على القرآن الكريم فتكلم عن الإتقان الذي أنزل به والمعجزات التي ذكرها...إلخ.

كما ذكرت فالكتاب جد شيق ويجعل القارئ يندمج مع الأحداث ، رغم أنني وددت لو أن الشيخ محمد فصل في بعض القصص واستطرد فيها أكثر،كما أظن أنه رغم طريقة الكتابة السهلة إلا أنه هناك الكثير من الكلمات التي كانت تحتاج للشرح.أما إن تكلمنا عن طريقة تقديم الكتاب فهي جيدة جدا،الغلاف والألوان المستعملة جميلة،لون العناوين بالأحمر عدد صفحات الكتاب 224الشيء الذي يجعل القارئ خاصة المبتدأ لا يمل ويستمتع بقراءته.

والسلام عليم ورحمة الله.