هناك عصفورًا عاقل وعصفورًا حنون، يهرب العصفور العاقل قبل دخوله القفص، أو قبل غلق الباب ويموت العصفور الحنون داخل القفص أو يفر هاربًا بعد أن تُقص أجنحته! حيث أعتاد الوضع ...
السجان مسكين لا يدري ما فعله بالعصفور! لقد ظل معه وتحمل ما لا يتحمله عصفورًا أخر، أعطاه العاطفة وأعطاه قيمة وجمال .. لقد أعطاه طعمًا للحياة، يذرّ العصفور الدمع من القفص ولكنه أصيل لا يترك صاحبًه .. لقد حول القفص إلي جنه الخلد، ولكن السجان كبني أدم جميعًا! هاربًا لا محال من الجنة!
العصفور الحنون أعطي بلا مقابل ولم ينتظر أبدًا حتي ظن السجان أن من حقه ما يأخذ ف لم يعطي أي شيئًا ف المقابل .. فقط ظل ينتظر المزيد .. ظن العصفور الحنون ان ما أعطاه ليس كافيًا حتي رُزق بِعصفورياتٍ صغار ف جعل ولائهم للسجان المسكين .. جعلهم يُعطوه المزيد من السعادة .. ولكن المسكين يظل مسكينًا ليس من عادة المساكين التمرد ع ما نشأوا عليه ف جعل يمتص منهم ما يستطيع حتي دبل بعضهم، ونشأ الأخر مثل السجان .. حاكوا ما يصنع أمامهم دونهم وخارج إرادتهم وكأنهم يحملون جيناته! ولكن يومًا ما سيصبحوا عصافيرًا وتظهر جيناتهم الأصيلة أو لا يعودوا ..
لعلي لا أجد السجان أكثر من مسكين مُحاصر .. لا يستطيع الهرب، ضاقت عليه الدنيا فلم يكن يري سوي العصفور ليخرج ما انتجته به العالم ..
وجاء اليوم الأسود وانتهي ما للعصفور من عطاء ولكن نهم السجان كان أعظم من أي عصفور، ف قرر السجان أن يقص ريشة عقابًا له وفَتح له باب القفص ظنًا منه أنه لن يهرب أبدًا .. ولكن العصفور الحنون المقهور ع حاله هرب .. لم يستطيع أن يعطي العصفوريات ولا السجان شيئًا ف هو لا يملك شيئًا يعطيه الأن! ..
ربما لاحقًا يعود لصغاره؟ ربما لا يعود؟ ربما يحن للسجان مرة أخري؟ ربما لا يحن مطلقًا؟ ولكن هل يعود عصفورًا بعد أن قُصت كرامته وانتُزع ريشة!
مسكين السجان سيموت وحيدًا .. هرب العصفور لا يدري وجهته، ولا كيف يبدأ من جديد .. هل يعطي؟ أم يتحول لعصفور عاقلًا؟
ف أعلم يا بن ادم أن العصافير لا تولد إلا حنونَ ..