... وهكذا شارف العام الدراسي على الانتهاء، بالقسم الرابع ابتدائي، لم تكن أمنيتي أكثر مما يتخيل البعض، أو كما يتمنى أصدقائي، فأحدهم يتمنى أن يصبح طبيبا والأخر يتمنى أن يكون مهندسا أما أنا فأمنيتي هي تجاوز علامة 6 التي طالما رسمت من طرف المعلمين على ورقة النتائج النهائية خاصتي ! أبي لا يكاد يطفئ شمعة الأمل بداخلي فدائما ما يقول لي بأن علامتي لا يفصلها شيء عن علامة 7 ـ مجرد اضافة أرقام معدودة بعد الفاصلة ـ وتحصل على علامة 7. وبعدها يعطني عشرة دراهم التي أستحقها، فقد اتفقنا على أنه كلما حصلت على علامة 6 فاني أستحق خمسة دراهم ويضاعف عدد الدراهم كلما ازدادت علامتي.

تعودنا على تنظيم حفل بالمدرسة قبل تسليم النتائج النهائية، لا أعتبر الأمر ذا مصداقية، فربما لا أحد يحتفل بفشله. بعدها يتم استدعاءنا للنتائج النهائية. في طريقي للمدرسة انشغل تفكيري بكل ما يمكنني شراءه بالعشرة دراهم التي سأحصل عليها من عند أبي بعد نيل علامة 6 ، كالعادة سأشتري قطعة خبز محشو بالسمك المعلب وبعض الصلصة الحارة فهذا يغنني عن وجبة العشاء. وجدت الكل ينتظر السيد المدير فهو الوحيد من يملك مفاتيح الادارة .. وصل السيد المدير وبحقيبته المعتادة أخد ينادي بأسماء التلاميذ لاستلام النتائج الى أن سمعته ينادي باسمي، أسرعت اليه وأخذت ورقتي فوضعتها بجيبي. الخروج من مكتب المدير أشبه بالسباحة عكس التيار، الكل يسأل عن علامتي أجيب بأني حصلت على علامة 6 ، ابتعدت عن الزحمة وتنفست الصعداء تحسست ورقتي وأخذت أبحث عن مواقع ضعفي لأجد علامة 7 في ورقتي، تحققت أن الورقة تحمل اسمي .. لا لا لم أصدق الأمر ! قصدت البيت مهرولا لأخبرهم بالأمر، كشفت عن الورقة لأبي فرسمت البسمة على وجهه فقال " لقد حصلت على علامة 7 .. خذ عشرة دراهم التي تستحقها " لكني قاطعته قائلا " أنا أستحق خمسة عشر درهما فعلامتي لا يفصلها شيء عن علامة 8 .. مجرد اضافة أرقام معدودة بعد الفاصلة !" ..