لعبة الهروب من السجن أكثر من مجرد لعبة
نشر في 10 نونبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لعبة الهروب من السجن لعبة مليئة بالمرح والتشويق، بمجرد أن تفتح اللعبة تجد نفسك أمام واقع مر، سجين محكوم عليه بسنوات سجنا ظلما وعدوانا وكل ما عليك هو مساعدته على الفرار من داخل السجن نحو عبق الحرية، داخل زنزانة صغيرة دون أن تعرف هل فعلا مظلوم، كل ما تعرفه انك أمام سجين داخل أصوار زنزانة منفردة لا احد يهتم لأمره ولا احد ينتظره لتحريره سواك، يجب عليك استخدام أي شيء وكل شيء في الزنزانة لمساعدته، لكن بحذر لان حركة خاطئة يمكن أن ترجع به مرة أخرى إلى السجن، فبمجرد تحريره تجد نفسك انك أنجزت ما هو مطلوب منك، وتذوقت القليل من السعادة.
نحن جيل يعيش في زمن صعب جدا، نحن نعيش على حافة ، وعلى حافة التشرد، وعلى حافة الوحدة، والتشتت الفكري، جيلنا جيل لم يعد يعرف ما له وما عليه، لم يعد قادرا على تحقيق أي استقلال المادي والفكري أو تأسيس عائلة في ظل منظومة فاسدة تأخذ منا كل شيء، تأخذ من وقتنا، وجهدنا وطاقاتنا وتجعل حياتنا سجنا دون أن تعطينا سوى حساب على الفايسبوك وبعض التطبيقات تلهينا عن مشاكلنا في سجن محروس، وشهادات ليست سو حبر على ورق.
من الطبيعي إن يكون الهروب إلى الواقع الافتراضي جزء من ردود أفعالنا، كالتوجه نحو الأفلام والألعاب التي يمكننا من خلالها عيش الحياة، وتذوق القليل من السعادة التي نفتقدها، هي سعادة وعدتنا بها الحكومات والمنظومة بأكملها، لكن لم نتذوقها على الواقع، فلعبة الهروب أكثر من مجرد لعبة فهي تعلمنا فلسفة الهروب عوض الاستسلام تعلمنا أسلوب حياة يجب أن ننهجه وطريق يجب سلكه للتغلب على مشاكلنا وتحريرنا من سجن كبير، ويجب علينا أن نسخر كل ما نملكه للتحرر من قيود الذين يرتدون ربطات عنق وبدلات عسكرية وعمامات على رؤوسهم ويطبقون الخناق على كل يوم في حياتنا أكثر فأكثر.
يبقى هناك أمر وحيد أريد معالجته وهو الجانب المتعلق بانتقاد اللعبة على أساس أنها الهاء الناس عن مشاكلها، وأوجاعها، وهذا أوافق عليه تماما، ولكن هدا الأمر يجب أن يدفعنا إلى فهم اللعبة وإسقاطها على مجتمعنا وعلى أساس أنها تمثل واقعنا ويجب على كل واحد منا أن يساعد نفسه للهروب من سجن أرباب العمل والرأسماليين والحكومات نحو الحرية وهذا لن يحدث ببساطة فالأمر يتطلب أكثر، أن نكرس كل طاقاتنا للأمر، و أن نلعب بحذر.
-
رشيد بودينحو مستقبل ما