هل ستستمر هذه السنوات العجاف طويلا, لا شك أننا نرى تغيرا كبيرا فيما يحيط بنا من تنمية ومشروعات ضخمة, في كل ركن من أركان الوطن, في كل مكان من أقصاها إلى أقصاها, وقد شارك الجميع في البناء, وبلا استثناء, فقير وغني, الشعب بكل فئاته وطبقاته, وتحمل تبعاته على عاتقه, وكانت سنوات عسرة شظف, بلغ بنا الحال السيء إلى أقصى مدى, وما تم, لا يستطيع رئيس إنجازه في أي دولة, أن تشحذ همة شعب كامل للعمل, من أراد, ومن لم يريد, فهو وطننا جميعا ويجب أن يشارك الجميع في البناء, ذلك كله رائع, وجهد خرافي, له كل التقدير, ففي البدايات كان الأمر أيسر من ذلك, نتحمل ونجاهد ونشارك, ونربط الأحزمة كما يقولون, أم الأن فالأمر أصعب, لم يعد هناك ما نتكأ عليه, وقد أشتد الغلاء, وكثرت الأزمات المتتابعة. كان من الأجدر أن يكون هناك حساب لمواجهة الأزمات والكوارث, التي تجابهها الدولة, وأن لا نتوسع في المشروعات من شرق البلاد وغربها, ونحن مازلنا نحبو في عالم التنمية, والخروج من سنوات فوضى وانحدار في كافة نواحي الحياة, وأن الخططة المعدة كان يجب تتناول حيز محدود ننتهي منه, ثم نبدأ في غيره, فكثير من المشروعات توقفت الأن, فلو كنا تناولنا مشرعات محددة وانتهينا منها كان أفضل, ولا بأس من الإنتظار لحين تتهيأ الظروف لغيرها, إن النية الطيبة والحماس, لا تكفيان, فحماس القيادة غير محدود, فهو طاقة ملتهبة مشتعلة دائما تتمنى المزيد في أقصر مدة ممكنة, فلسنا دولة غنية, كثيرة الموارد, حتى وإن كنا كذلك, فإننا لم نتعلم بعد الاستفادة منها على أفضل ما يكون, فكثير منا يبذل فوق طاقته, حتى لا يُشعر عائلته بأنه ضعُف عن تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم, فصورة الأب لها مقامها في أعين صغاره, لا يحب أن تهتز أمامهم أو يُشعرهم بأنه عاجز أمام ما يريدون, وهي أشياء أساسية, ليست ترفا أو كماليات, إننا رشدنا في كل شيء, وأكثر من هذا هي حياة غير أدامية, كيف نريد حياة كريمة, في بيوت نظيفة, وماء نظيف, وطعام جيد, ونحن لا نملك فاتورة المياة, ولا وجبات الطعام, أننا نسعد برؤية بلادنا جميلة نظيفة, طرق مهيأ ومواصلات وحدائق وتوسيعات, ولكن الجوع لا يترك للعين, أن ترى كل هذا الجمال, وربما تعمل على تخريبه, لأنه هو السبب في حياة الضنك التي نعيشها, كلما وقعت عيني على تلك الصروح المشيدة سعدت سعادة بالغة, وكلما تذكرت حالتي من العسرة, كدرت كل الأشياء في عيني واستهنت بها, فرسالتي إلى القيادة, إنك من أخلص الناس حبا للوطن, ودفاعا عنه, تريده بين يوم وليلة أفضل الأوطان وأرقها, وأقواها, وتلك رغبة كل وطني يحب بلاده, وعلى استعداد للتضحية من أجله, فيجب أن تتقوى الأيدي والنفوس, التي تبني وتساعد في البناء, وأن الأيدي الضعيفة, والنفوس المهترئة, لا تبني مجدا, فمعا نبي بقدر الطاقة والإستطاعة, ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.