جلستْ بمحاذاتي تشتكي جرحا ألمّ بها :
كان يُسمعني حين يلقاني كلمات ليست كالكلمات ..أنتِ رفيقة دربي ..لولاك لكان قلبي مُوحشا ..يابسا..بكِ أتجمّع بعد الشّتات و أحوّل مجرى الحياة..
إذا قلتُ لك أحبّك جدّا فصدّقيني ..أهواك فوق الهوى و لا أطيق هجرك و الخصام..ألا ترين رسائلي إليك لا تنتهي:
" يا صباح الحب و الياسمين على أحلى حب"
****
مرّت الأيّام ..قلّ الكلام وحلّ الجفاف..
قلتُ: ما غيّرك ؟ أين رسائلك التي آنستني و كلماتك التي أسحرتني و وعودك التي طرحتُها أرضا لأبني عليها قصرا من أوهام !
أجاب :
حبيبتي أنت .. لا يحجبني عنك سوى قلّة حيلتي في إدارة وقتي..
و إبتعد خطوة و خطوتين..و بوصة و بوصتين..إلى أن إختفى وسط الضباب..
قلت: حاولت تفسير غموضك فلم أستطع ، قُضي الأمر ، لن أنحني لإلتقاط فتات الهمسات و لا لترميم ما إنكسر..و لن أحاول غزل خيوط المحبة بيننا من جديد ..وحدها شرنقة الحرير تغزل خيوطها..
إذهبْ و استفززْ بصوتك إمرأة اخرى و إخدعها كما خدعتني و أوهمها كما أوهمتني..و عِدها كما وعدتني ..و لن تعدها إلا غرورا .
لن أشرب من الحزن فدموعي أغلى من أن تراها..و لن أرشّ على جسدي بخار النّدم لالاّ أختنق..
يا مَنْ نفضتني كذبابة و أهنتني..ستشرب من نفس الكأس الذي أسْقيتني..
قلت لها :
إن كان صادقا ثمّ تبيّن له بأنّكما مختلفان و الأفضل أن تفترقا فأتركي له حريّة الإنطلاق نحو قدر آخر يناسبه ..و إمنحي لنفسك الفرصة لحياة أجمل و أنسب ..
كان الأجدر به أن يصارحك بتغيّر قلبه و نظرته للأمور بكلّ صدق حتّى و إن أحزنك ذلك ..لأنّك تستحقّين إجابات على أسئلتك وتوضيحا للغموض الذي كان يؤرّقك و لكن ليس الكلّ يملك تلك الشجاعة ..لذلك ربّما فضّل الرّحيل دون وداع ..
أمّا إن كان كاذبا في مشاعره منذ البداية ولم يكن ينوي إلاّ اللّعب بعواطفك وإضافتك إلى قائمة ضحاياه وفقط ..فستَكْسر سهام القَدر ظهره دون أن تنطقين ..إنها قوانين الله في الكون..و ستفتح لك الفرحة أبوابها بعدها و ستشكرينه على رحيله ..