على يمين الصفحة الرئيسية لموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" يظهر لكَ أنْ اليومَ عيد ميلاد أحد اصدقائك وعليك تهنئته ومشاركته الاحتفال ,,
ثم تتوالى المنشورات لهذا الشخص تتمنى له السعادة والخير فى عامهِ القادم وأحياناً يتمنون له أن يصل إلى مليون عام ، لا أعلم كيف هذا ؟!
أتعجب كثيرا من تلك الأمنية وماذا إن وصل لهذا العُمر ولم يجني بأعوامه هذه شيئاً أو يقدم آخر ! هل طولة العُمر وحدها تكفي أم يُشترط معها الكثير لتصبح ميزةً وليست عيباً.
تدخل إلى صفحة صديقك لتهنئته وأنت تتساءل لما أصلاً التهنئة وعلى ماذا ؟ هل أنجز شيئا ما فى تلك الأعوام أم حقق هدفاً من أهدافه أم أن التهنئة لمجرد وصوله لهذا العُمر ، هل الكِبر أمراً يستحق كل هذه الضجة !
تضع أصابعك على لوحة المفاتيح تنتقى الكلمات ، تتمنى له فى البداية أن يحقق اللَّهُ له آماله وأمنياته ثم تُفكِر ثانيةً فى ماذا إن كانت آماله فى غير رضا الله ! فتكن تهنئتى له على هذا الشكل ليست لصالحه ، ألم يقل الله تعالى "وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا "
فتُسرع بالضغط على زر الحذف ثم تكتفي بقول كل عام وأنت بخير مع ابتسامة من تلك الابتسامات التى اعتدت أن تبعث بها إليه ، وعقلك لايزال يفكر فى ماهية الخير الذي قد يكون عليه صديقك فى العام القادم فتُسرع بغلق صفحة الفيس بوك وصفحة أفكارك ، ويعلو صوتك مردداً أغنية الطفولة الشهيرة " يالا حالا بالا بالا هنوا أبو الفصاد ، هيكون عيد ميلاده الليلة أسعد الأعياد "
اليوم أنا أبو الفصاد هذا ، أنا الطائر الذي يشتهر باهتزاز ذيله ، صديق الفلاح الذي يساعده بالحقل ، أنا الطائر المُهاجر ، هاجرت عبر أعوامى الثلاث والعشرين ، كلُ عامٍ كنت أمر بمحطة ما لتطبع أثرها عليَّ فأصير على ما أنا عليه الآن .
على كلٍ دعونى أعترف أنَّ ذكرى ميلادى تعني لي أننى هنا على هذه الأرض منذُ أعوامٍ ليست بالقليلة وأن أثراً ما لابد أن أكون قد تركته أو ما زلت أسعى فى تركهِ ، ذكرى ميلادى تعنى إعادةً لحساباتٍ كثيرة أخشى منها .
ليلة ميلادك هى تلك التى تأتي فيها بخططك وأهدافك لتعلم أين أنتَ منها الآن ؟ هل مازلت على الطريق ؟ أم حِدت عنه ؟ هل هذا الطريق صوابٌ أصلاً ؟ أم أنك لم تعلم لحياتك هدفٌ بعد ؟ فلُنسرِع , إن كان ما فات لم نعدْ نملك التحكم به ، فالقادمُ فى قبضتنا .
ويبقى التساؤل هل أستحق أن ينشدوا لي "فليحيا أبو الفصاد " !
التعليقات
'ان شاء الله تتحقق كل الاماني يا رب
فعلا ميلاد الإنسان الحقيقي هو حين يحقق ذاته ويجعل كل يوم فرصة جديدة للتحسن و السيرورة الى الامام والتعلم من الأخطاء ورسم معالم طريق جديد