بيت فؤاد ١٣ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بيت فؤاد ١٣

أشياء كثيرة بداخلنا تبدو منسية، لكن بصدفة بحتة يتفجر ذلك الأنا الذي لطالما كان صامتاً، ليجتاح بإعصاره كل من أمامه سواء حبيب أو عدو ..

  نشر في 08 غشت 2018 .

"فؤاد" لم يكره يوماً أخوه "كريم" بسبب ما فعله والده، وأعتقد أن شخصاً مثل "فؤاد" لم يكن يبحث عن الحقيقة أكثر مما كان يتألم من أنه عرفها في وقت متأخر. كم يكون شعورك مؤلماً عندما تشعر بأنك وصلت إلى منتصف الطريق وليس أمامك خيار للرجوع والمسير أصبح يبدو متعباً جداً للأمام. 

رأيته في أحد المرات وهو يشرب قهوته في المقهى، رحت ألوح له من خلف الزجاج لكنه لم يراني كما كنت أعتقد، كان سارحاً بالشارع، بالمارة، بالمطر الذي يتدفق على الزجاج لكنه لم يكن يرى شيئاً. عندما قرعت النافذة ارتعش كأنه كان يتوقع شخصاً آخر، سألته بطريقة غير مباشرة إن كان ينتظر أحداً، لكنه طلب من النادل أن يجدد له  القهوة وطلب لي شرابي المفضل "كاكاو" ساخن. 

" جميعنا ننتظر ذلك الغائب البعيد القريب، ربما ننتظر صدفة .. كتلك التي نراها في الأفلام". أجابني يومها مع ابتسامة رقيقة.

أخبرنا يوماً بأحد القصص التي يرويها أن بطلة القصة كانت دائماً تباغته في المقهى حيث يجلس. كانت دوماً تقف خلف الزجاج حيث مكانه المعتاد تقرع الزجاج له وتنفخ عليه ثم ترسم له قلوب حب وتخبره بشفاهها أنها "تحبه" .. "إلى الأبد". وبهذا ادركت من كنت تقصد اليوم بالغائب البعيد القريب .. 

 كم كنت شاباً وسيماً وذكياً وشغوفاً يا صديقي لكن الحياة لا تنصف هذا النوع من الناس، أنت قلت بأن حياتك كلها كانت معارك، وأنك ستبقى تحارب من أجل قضيتك حتى آخر نفس ..

ورحلت وأنت تعانق عودك ووحدتك، حتى أنك لم تترك خلفك وصية. رغم أن موتك لم يكن مباغتاً بل كنت تقدره بالثواني والساعات، لكنك فضلت أن ترحل كما تمنيت دون أن تحدث ضجيجاً يزيد على ضجيج الحياة. 

"كل ما أطلبه هو الحقيقة، الحرية، وشيء بسيط من العدل بحيث نلغي نظام الواسطة والمحسوبيات فيأخذ كل منا حقه حسب كفاءته، عاقبوني على هذا الطلب، وحاولوا قطع لساني وبتر أصابعي، حتى الموسيقا يريدون أن يضعوا لها بنداً في دستورهم المريض، يريدون أن يغتالو اللحن ويعتقلوا المقام ". 

لكنهم رغم ذلك لم يستطيعوا أن يغتالوا ذاكراتك، لا أحد في الحقيقة يستطيع أن يفعل، رغم أنهم قاموا بإخفاء بعض مذكراتك كما كان واضحاً من تواريخ المذكرات. تلك الكلمات التي كانت تعني لك الكثير رغم أنك لم تفكر بها، لكنها ستبقى في ذاكرتك وسترحل معك ومع كل من حفظوها في ذاكرتهم وليس على الورق.




  • 1

   نشر في 08 غشت 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا