حكايات هارب في الغربة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حكايات هارب في الغربة

  نشر في 16 غشت 2019 .

أهم من يميز حياة المغترب إختلافها كل الإختلاف عن حياة الأشخاص العاديين ، مراحلها تساوي ضعفها من السنيين ، همومها فاضت في الزكائب ورغم ذلك أصحابها حاملين وراضيين ، وعن الفرح والسعادة متشوقين وحالمين ، فالروح هي اول من يتركها في أحضان الوطن بما يحمله من أرض واهل وأصحاب وإنتماء ، ويبقي الجسد هو الباقي يكمل معه المشوار ، تتقلب الأفكار في مستقبل مجهول وأحلام كاذبة وهروب إضطراري ، عاطفة سكنت وتعلقت بالحبيب ومن ثم كان الفراق ، تعليم أبغاه في في بلاد الصين أو بلاد السند أو بلاد قريبة أو بلاد غربية ، حضارات وثقافات ممكن تثقل الشخصيات ومن ثم تعود علي الوطن الأم بالنفع وتثمر ، وتأخذ الحكاية معني آخر بقرار ثم بدمعة وأحضان مسروقة ونظرات شاردة وقلوب موجوعة وعقول تايهة ، يحدث نفسه إلي أين أنا ذاهب إلي أرض ألقي فيها نفسي أم يزاد بسببها ألمي ويطول حرماني ، بعدما ضاقت بيا المحن وصعوبة الطريق ووعورته بسبب من أسميهم لصوص وطن إحتلوا الخير في جيوبهم والمناصب فوق رؤوسهم والوظائف لأقرانهم وأحفادهم ، مشوار يبدأ بركوب قطار معروف محطته الأولي ومن غير وصول لمحطة نهائية ، أو طائرة بين المطارات ضالة ، أو سفينة بين الأمواج سارحة وتكون في ساعة الرجوع غارقة ، أول ما لامست قدماي الأرض الجديدة فكرت بالرجوع ولكن نفسي حدثتني كام تساوي نفسي عندما تعود مكسور وتنعت بالفاشل والضعيف ، فأبي الجسد إلا أن يواجه الأمواج العاتية والنفوس الأنانية والمصالح الغالبة ، الرجولة في خطر ، أخلاق وشهامة بقت من الأطلال ، لم أكن أعلم قيمة الصبر إلا أنه في الغربة كان المعين وأدركت كم هو طوق النجاة ، رأسي توقفت عن التفكير حياة جديدة بعيدة كل البعد عن ما كان يدور في الخيال ، شمس قاسية ليست كشمس بلدي في دفيء السنين ، قمر عندما أنظر إليه أحدثه وأتذكر الحنين وأشعر بالأمل ، ألهمني ربي الصواب وعرفت أن التقرب إليه منتهي الغايات يكسر الهم في الظلمات ، ويقوي النفس علي العمل حتي لو وقفت تحت أشعة الشمس أسطلي ، أدركت أن الشقاء قد بدأ من لحظة الوصول وبدأت أتنفس الأوكسجين الجديد ، سكن كئيب يذكرني بعصور ما قبل الميلاد ، ماذا فعلت بنفسي فالسقف منخفض لدرجة أن لا أستطيع أن أقف لا بد من الإنحناء ، فحتي العذاب لم يتركني حتي غرفتي أستريح ، صوت المصانع حولي في كل مكان وإزعاجها جعلت النوم من المستحيلات ، طوابير في الصباح لكي يلامس الماء جسدي فأتوضأ وأصلي ركعتين لله ، ورغم ما أعانيه من أهوال أشكر الله وأزيد من الحمد راضيا بقضاءه والمكتوب علي الجبين ، ساعات من العمل طويلة مقابل أجور قليلة ، معتقلات حديثة في شكل مباني للسكان تحاوطها الأسوار من كل جانب وتسكنها الوحدة مع الهموم ، يفتقد مجمتع الأسرة وترابطها ، مشاعر الأخوة منسية ، أصحاب قليلون يساندون ، والكثيرون عن مصالحهم لا يغيبون ، لا مفر لا بد من التأقلم والرضا بالمتاح ولا طمع في ما هو أكثر من ذلك بمكان ، طعام مجهول المصدر ولكن لغذاء البطن مقبول للسير علي الأقدام ، مياه تنزع الشعر من الأجساد وتصيبه بالإحمرار ، أمراض كانت غير معروفة وبعيدة عن الأبدان صارت بسرعة في الجسم مألوفة ، مادة يبحث عنها بين ساعات الغربة بقت المعيار الوحيد ويضحي بالعزيز من بهدلة السنيين في الوصول إليها ، المناجاة مع النفس كثرت وتوغلت وأحزنت القلوب ، نفس الوجوه هي نفسها لا تجديد بل سيطر الروتين مع فقدان الحنين ، ظننت أن أعيش حرا ولكن أصبحت مسجون بقليل من الرفاهية ووسائل الترفيه مطارد في الغربة من الغد ، وماذا ينتظرني في قادم الأيام ، ألا للشهور من أعداد ، السنيين تهرب بنفسها ولكني ورائها طريد ، الإختيارات حل مكانها التحكم والإملاءات فمهما بلغت وروحت ولفيت العالم من شرقة لغربه ومن شماله لجنوبه في الآخر منقاد ثم مطاع ، وعن الأوامر منفذ أمين ، فلا تجعلوا المدة تزيد فهي تأثر علي العقول وتجعلها قريبة من الجنون ، أصبح كالذي يختار بين المر والصبار ، لا بد من أخذ القرار ، وعدم الإنتظار للموت الإكلينيكي علي مراتب الغربة ومخداتها التي تجذب ولا تريد لصاحبها أن يغادر المكان ، ظن الحياة في منتهي الأمنيات وأن السير في طريق الغربة من مشي فيها خطوة لا يستطيع الرجوع للوراء عليه بتكملة المشوار للنهاية ، مهما يشيب الشعر وتظهر التجاعيد ويمحي علامات الشباب وتضيع أحلي سنيين العمر في البحث عن السراب والأموال ، لحظات تساوي الكنوز لو يدركون ومنها أشقياء ومحرومين ، طفولة راودتني كالبراءة ، مراحل العمر ضاعت بين ركام الغربة ، تجاعيد علمت الوجه وأصبحت عنوان للتضحية والفناء ، سموم الهواء أستنشقها علي غير خاطر ، قد تجني العمل والتقدير والصعود وتنال المادة والمكانة وبجوارك كل ما تريد ولكنها ابدا لن تكفي ساقية لا تقف ولا تستريح الطمع في نفوسها آثمة ترجوا المزيد ، الشياطين في الغربة تشتغل بضمير ، عن المعاصي يسارع الكثيرون وعن الملذات آه منغمسون إلا ما رحم ربي متمسكون وعلي الله متوكلون ومتقربون رغم كل شيء بالطاعات والحمد الكثير ، بعد طول الليالي وشدتها ومعاناتها فقدت الروح والإنتماء ، إرجعي يا روحي أحضانا إشتقت أن أكون إنسانا في أعتي عصور الأسود جحودا ، نويت أن أكتفي بالهروب المستمر وأستعين بعقلي بعد تركه سنين وأحيي قلبي بالمشاعر التي إختفت من جديد ، نصيحتي للأجيال البناء في الأوطان خيرا من البناء في بلاد المهجر والمعسكر الإجباري ، ليت الشباب يعود يوما لما إتخذت السفر قرار ، ولكن لا هروب من القدر ومن المكتوب ، الحمد لله طريق مشيت فيه علي الأشواك كثيرا ولم أمل الصعاب ، الضحكة بقت عزيزة وغالية وإن وجدت كانت لبرهة تريح العقل مع القلب وكأنها حلم ، عصير الهموم متاح بكثرة في الغربة من كل الأبدان ، الوطن يستقبل نعوش المغتربين بكل حب أخيرا وصلت لدارك بعد فوات القرار ، ما أصعبه قرار في النفوس حائر ، وإتخذ القرار الصعب في الوقت الصعب في الزمان الصعبة في كل شيء صعب وعزم نفسه عن البعد راحل ، عن التفكير المستمر طائع ، يا عمر كفاني الضنا ، أتمني الرجوع أفتقد ضحكات ونسمات الحياة والأحضان الدافئة في الإمكان ، ملابس وطني حتي لو في سجونها نعما الأغطية والإرتياح ، رغم الظلم والهوان وحزن النفوس علي المستضعفين والمحتاجين والمستبد عليهم والمفقرين والتوزيع الغير عادل للثروات ، وغياب الفكر والمفكرين والعلماء والراشدين ، إحتل الجهل والفساد كل الأركان ، وضاعت الحضارة بجرة خط أعوج غير مؤهل لإمتلاك قرار ، الدموع لا تجف سواء وانت بالداخل أو أنت بالخارج ، فلا تجعلوا الأعمار تهدر سدي ، وارجعوا قبل فوات الأوان ، قصر المدة يحميك من أشياء كثيرة قد لاتدركها الآن ، دورت في البلاد ابحث عن وطن يحميني ، والله يا وطني ما لاقيت غيرك في الحب والأمان والإنتماء ، مستحيل أن ارتاح بعيدا عن أراضيك ومياهك المنتدى وشوارعك وحواريك ومدقاتك وصعوباتك في ومحنك وأيامك في ولياليك والمشاعر الوهاجة والذكريات الحلوة والإشتياق للصبا وروائح الورود وصفاء النفوس والضحكات اللي من القلب ، وداعا أيها النفاق واللهث اللعين حول المادة بشتي الوسائل والحرب الغير شريفة للوصول ، ومحاباة الرؤوس ، اللهم ألهمنا الصواب يارب العالمين وأرشدنا إلي الطريق السليم يا أرحم الراحمين ، اللهم قربنا من الجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل ، واللهم ابعدنا عن النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، اللهم آمييين يارب العالمين ....................



   نشر في 16 غشت 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا