ستتوهم لفترة طويلة أن النجاح يعني أن تخرج من الظل إلى بريق الأيادي وهي تصفق مرغمة لك، و من حالة اجتماعية إلى مرحلة أفضل. أن تحقق أكبر أحلامك و تتسلق دون استسلام سلما طويلا الى المجد. أن تبلغ عنان السماء بشيء فريد تصنعه. ستتوهم لفترة طويلة أن النجاح في استقلاليتك، في شهادة تحصل عليها، في منزل تبنيه من أثاث فاخر، في منصب جليل تحصل عليه، في شريك حياة يحبك... لتجد أنها محض محطات في الحياة، يتفاوت الناس في الوصول إليها، ليصل كل إلى الوعي بتفاهتها عندما تأذن الحياة بذلك.

فالنجاح قد يتوارى وراء التفاصيل الصغيرة التي تكون غافلا تماما عنها، في أن تجد من يومك وقتا كي تسقي نبتة ميتة، و تجد من الحب في قلبك ما يكفي كي تسامح من أساؤوا اليك، و تجد بالرغم من المال الذي تملكه القدرة على إنفاقه، و تجد رغما عن انشغالاتك العديدة وقتا كي تزور من تحب، كي تستيقظ فجرا لركعتين، كي ترسم قسرا على شفتيك ابتسامة. تجد القوة في نفسك كي لا تتذمر من اللحظة التي أنت فيها، و كي لا تضعف عندما تأخذك الحياة إلى طرق لم تتوقعها، في أن تجد من المواساة في شخصك ما تمسح به آلام غيرك. النجاح في انطباع تعلقه في قلوب من يمرون في طريقك، في تواصلك مع غرباء تصادفهم، تشاركهم حديثا و تمضي خاليا من كلماتك، في يدك التي تمدها كي تنقذ غريقا من ظلمته، في الشجاعة التي تتقمصها كي تنشر وعيا و تنير فكرا أو تبلغ رسالة، في رضاك بما أنت فيه أكان يملأ عينيك أم لا، في أن تجود على الآخرين بما تملكه دون رغبة في المقابل، وعلى نفسك سرا ببعض الرفاهية. في أن لا تلتفت لمن هم أمامك، ستصل إليهم، و لا في أن تغلق على نفسك الأبواب مخافة من الحياة، فتبقى مكانك. بل في أن تمشي كنافذة مفتوحة دون أن تصدأ، وتقفز من لحظة الى أخرى و كأنك تملك كل الأشياء و لا تحتاج إلى شيء أو أحد.  

نهيلة أفرج