لا شك وانك ان ذهبت يوما للمتحف المصري في التحرير فانك ستلاحظ روعة وجمال ما كان عليه اجدادنا ، ستلاحظ كيف استخدموا الذهب ببراعة في صنع كل شئ ؛ حتي اشيع بين الناس انهم كانوا يحولون التراب ذهبا من فرط استعماله في الحياة اليومية ، وقد ينتابك ايضا الخوف من دخول قاعة المومياوات وحدك ليس بسبب كثرة مافيها من مومياوات تثير الذعر عند النظر اليها ؛ بل لأنك ستكون علي موعد مع ملوك مصر القديمة ومنهم خوفو وتوت عنخ امون وملوك عظام اخرون .
لو علم أولئك الملوك انهم سيستلقون يوما داخل صندوق زجاجي في هذا المتحف ؛ فلا شك لدي انهم كانوا سيوصون ألا يندفنوا في مصر ، حتي لا يعبث معهم أحفادهم بهذة الطريقة التي _في اعتقادهم_ قد أفسدت عليهم قدسيتهم الخاصة التي اكتسبوها كملوك وفقدوها عندما اصبحوا قطع فنية تعرض في جميع انحاء العالم .
أثناء زيارتي الي المتحف لم اجد تمثالا يبتسم ؛ فهل كان المصريون القدماء لا يضحكون أو حتي يبتسمون ، هل يعقل أن متحف به مائة وثمانين ألفا من القطع الأثرية ولا يوجد به تمثال يبتسم حتي .
وانطلق في تلك اللحظة سؤال بداخلي لم أجد اجابته حتي الأن .
لماذا لا يضحك الفراعنة وقد كان منهم "حسى – رع" أول طبيب أسنان في التاريخ ؟
لماذا لا يضحك الفراعنة ومنهم "امحوتب" المهندس الطبيب أول معماري وأول طبيب في التاريخ ؟
لماذا لا يضحك الفراعنة ومنهم "اخناتون" أول من دعا الي التوحيد ؟
والسؤال الأهم : هل الفراعنة لم يكونوا راضيين عن انجازاتهم ؟
كيف وأهراماتهم مازالت تنطح عنان السماء بعد مرور ألاف السنين !
كيف وقد استطاعوا ان يشيدوا _في بلاد ليس فيها الا الماء_ اعظم الحضارات !
وفجأة !
تحول السؤال الي أخر هل نحن راضون عن انفسنا ؟
حتما وقطعا الاجابة لا ، كيف نرضي عن انفسنا واصبحنا نحن اعدائنا !
نعم في بلادي اصبح اعداء المصريين هم المصريون انفسهم ، نسينا وطننا واصبح وطن الفرد بيته وشعبه عائلته ، في بلادي اختفت القومية ، واصبح كل منا هو نفسه لا غيره ، لم تتضح بعد هوية دولتنا ولا اتجاهاتها العلمية كانت او الفلسفية .
هذا هو الفرق بين جدية القدماء و هَزْليَّة الأحفاد .
شكرا
تحياتي / طه فياض
-
Taha Fayadكاتب