فن التواصل مع الشخصيات الصعبة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فن التواصل مع الشخصيات الصعبة

مهارات التواصل الاجتماعي

  نشر في 10 يناير 2020 .

لم يعد فن التواصل والحوار رفاهية، بل أصبح اكتساب هذا الفن ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية. وإذا تأملنا الحياة من حولنا فسنكتشف أن نسبة كبيرة من فرص النجاح متوقفة على إمكانية الإنسان في إنجاز عملية التواصل بمن حوله، كما أن الحوار هو قلب عملية الاتصال وأساسها المتين.

ويرى البعض أن عملية التواصل في بعض الأحيان تشبه المعركة، ولكنها معركة فريدة من نوعها، فإذا انتصر الطرفان فإنهما ينتصران معاً، وإذا انهزما ينهزمان معاً هذا في الحالة التوافقية، لكن إذا فرض علينا التعامل مع بعض الشخصيات ذات الطباع الصعبة والمعقدة كيف يجب علينا التعامل والتواصل معها؟

بدايةً وقبل الخوض في تفاصيل موضوعنا يجب علينا التعرف على مفهوم التواصل الاجتماعي، وما هي أهم عناصر ومقومات ومعوقات العملية التواصلية؟ حتى نستطيع تحديد ما الذي ينقصنا في عملية التواصل مع الأنماط الشخصية الصعبة.

في حقيقة الأمر بات علم الاتصال من العلوم المتطورة التي تواكب التكنولوجيا الحديثة بجميع مجالاتها. والاتصال كما هو معروف لنا بالفطرة هو العملية التي يتم من خلالها نقل رسائل معينة من المرسل إلى المستقبل، وهذا يعني أن الاتصال والتواصل يقومان على تبادل المعاني الموجودة في مضمون الرسالة من خلال تفاعل أفراد الثقافات المختلفة، وذلك لتوصيل المعنى وفهم محتوى الرسالة.

ويمكن وصف الاتصال بأنه سر استمرار الحياة على الأرض وتطورها، بل إن بعض الباحثين يرون أن الاتصال هو الحياة نفسها على الرغم من أن الجنس البشري لا ينفرد وحده بهذه الظاهرة، حيث توجد أنواع عديدة من الاتصال بين الكائنات الحية، بيد أن الاتصال بين البشر بوصفه ظاهرة اجتماعية شهد تنوعاً في أساليبه وأشكاله ومستوياته، حيث تطور تطوراً مذهلاً في المراحل التاريخية المتأخرة.

وتؤكد الدراسات الاجتماعية أن نحاج الفرد في حياته الشخصية والعملية واستمرار وجوده بالمعنى الاجتماعي إنما يتوقف على مدى استخدامه لمهارات التواصل الاجتماعي الأساسية. كما تؤكد الدراسات أيضاً بأن بقاء العلاقات الاجتماعية وتعميقها وتمتينها وترابطها مرهوناً باستمرار التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. فهو بمثابة المادة اللاصقة التي تعمل على تماسك أجزاء المجتمع وتكاملها واندماجها وتلاحمها دونه يتحول المجتمع إلى مجرد أفراد متناثرين هنا وهناك.

وعلى العموم تتكون العملية الاتصالية من عدة عناصر هي المرسل أي من يقول الرسالة؟، المستقبل لمن يقول؟، الرسالة ماذا يقول؟، القناة أو الوسيط بأية وسيلة يقول؟، الغاية من عملية التواصل أي من أجل ماذا يقول؟ بمعنى أن العملية لا تتجسد على أرض الواقع الاجتماعي إلا من خلال عدة مقومات.

* فما هي مقومات العملية الاتصالية؟

يشكل المرسل ( المتحدث ) كما ذكرنا أحد أهم مقومات تلك العملية فهو الشخص الذي يبدأ عملية التواصل إذ يقوم بوضع أفكاره التي يريد توصيلها إلى الآخرين في رموز وإشارات لفظية وغير لفظية بهدف إحداث تأثير فيهم سواءً على المستوى المعرفي أو العاطفي أو السلوكي.

أما المقوّم الثاني فهو المستقبل الذي يوجه إليه الرسالة فهو الجهة المقصودة بالاتصال ويجب عليه أن يفهم معاني رسائل المرسل وما تحمله من مضامين ودلالات. وتشكل الرسالة المقوّم الثالث باعتبارها تشكل لب العملية الاتصالية لأنها تحتوي على معاني أو الأفكار أو المشاعر أو الاتجاهات أو المعارف، التي يريد المرسل نقلها إلى مستقبل الرسالة.

وينحصر المقوّم الرابع في القناة الاتصالية السمعية والبصرية والالكترونية التي نوظفها في اتصالنا مع الآخرين من أجل نقل وتوصيل أفكارنا ومشاعرنا إليهم. وفي حقيقة الأمر تختلف القناة الاتصالية في خصائصها وإمكاناتها باختلاف الموقف الاتصالي وحجم المتلقين. وفي النهاية يشكل الهدف أو الغاية المقوّم الخامس والأخير من أجل انجاز العملية الاتصالية.

وفي هذا السياق سنحاول التعرض إلى أهم المعوقات التي تواجه الأفراد خلال عملية تواصلهم مع الآخرين. ونقصد بكلمة معوق أي الخلل المتواجد في عناصر عملية التواصل بحد ذاتها، كما أن محسنات الرسالة إذا زادت عن الحد المطلوب تحولت إلى مصدر تشويش. من أهم تلك المعوقات المعتقدات ( الثقافة )، حيث يتباين الأشخاص في الاستجابة لنفس الرسالة لأسباب ودوافع شخصية مختلفة ناتجة بشكل أساسي بسبب اختلاف طريقة التنشئة الاجتماعية والأطر والمعتقدات الثقافية، بالإضافة تباين مضامين القيم الأخلاقية، كما يعتبر الإدراك الانتقائي من أهم معوقات العملية الاتصالية حيث يتجه فيه الأفراد إلى سماع جزء من الرسالة وإهمال المعلومات الأخرى لعدة أسباب منها تجنب حدة التناقض المعرفي لذلك يتجه الأفراد إلى غض النظر عن المعلومات التي تتعارض مع المعتقدات التي رسخت فيهم من قبل، ويحدث الإدراك الانتقائي عندما يركز المتلقي ( المستقبل ) على أجزاء معينة من الرسالة ويعطيها تفسيراً يتعارض مع تفسيرها الحقيقي بمعنى آخر حينما يقوم المتلقي بتقويم طريقة الاتصال بناءً على دور، وشخصية، وقيم، ومزاج، ودوافع المرسل. بالإضافة إلى المشكلات اللغوية التي تنحصر في استخدام مفردات التي تحمل معانٍ مختلفة غير مألوفة ( العبارات التخصصية ) حيث يصعب على المستقبل فهمها بسهولة بسبب التفاوت الثقافي بين المرسل والمستقبل. وفي النهاية تعتبر المشكلات السلوكية التي تتعلق بالجوانب النفسية للفرد من أهم معوقات العملية التواصلية منها الحالة المزاجية، قدرة الفرد على التركيز ( الشرود الذهني وعدم الانتباه )، درجة الذكاء، التحيز والأحكام المسبقة، الإدراك، التدخل الشخصي لتحريف الرسالة، درجة نضوج الفرد، الغضب، مقاطعة الآخرين، الاستئثار بالحديث، أسلوب أسئلة الاستدراج، التهكم والسخرية، المجادلة، التركيز على الأخطاء... إلخ.

* فن التواصل مع الشخصيات الصعبة:

إن التواصل يعني التعامل المبني على تبادل المعاني، أخذ وعطاء بين شخصين. وفي هذا السياق سوف نحاول أن نوضح لكم بعض أنماط الشخصيات صعبة المراس حتى لا يصيبكم الجنون عندما تصادفون أياً منهم وتحاولوا قدر الإمكان تجنبهم، لذا سوف نتعلم مع بعضنا البعض الأساليب التي تمكننا من التعرف على هذه الأنماط بصورة فورية ومختصرة والتعامل معها بدقة لنحصل على النتائج التي نرغب بها.

١- الثوري: هو إنسان بذيء يجيد فن المناورة والتلاعب كثيراً ما يرفع صوته، يصرخ ويكثر من التهديد والوعيد، ويثير الضجيج بأن يضرب بعنف على الموائد والأشياء حوله، وعندما تختلف معه تجده نافذ الصبر وهو سرعان ما يستشيط غضباً وقد يتطور الأمر إلى الاعتداء الجسدي بالضرب أو ما شابه.

2- المفجر: كثير الشكوك والتهديد، وهو لا يمكن السيطرة عليه، ومع أنه رقيق المشاعر فهو كثير الصراخ، حساس جداً، إذا ما تعرض عمله وأداؤه للنقد يأخذ هذا النقد على محمل شخصي.

* كيف تتعامل مع الشخصية الثورية والمفجر ؟

امنحه الوقت الكافي لأن يهدأ، قاطع اتجاهاته السلبية بطريقة طبيعية ليس فيها تحدي، فمثلاً ناديهم بالاسم وشتت أفكارهم بأن تسقط قلماً على الأرض احتفظ بعينيك في عينيه وكن واثقاً من نفسك وألا تظهر لهم أنك خائف، اطلب منهم الجلوس وإذا رفضوا استمر في الوقوف۳۰ ثانية ثم كرر طلبك للجلوس، عبّر عن رأيك بصراحة ولكن لا تجادل، بين لهم اهتمامك وأنك تشاركهم الرأي، ادعهم لحل المشكلة بشكل ودي.

٣- الملقي باللوم: دائماً يتخذ موقفاً دفاعياً، يعتقد أن الجميع مخطئون، ويلقي باللوم على الجميع في حالة حدوث أي خطأ وهو يغضب بسرعة ويسعى للانتقام ويحاول أن يأخذ حقه.

4- كثير الشكوى: ينجح في إيجاد أخطاء في كل شيء ( الأشخاص، الإدارة ، الحكومة، غير ذلك ...) وهو لا يهتم بإيجاد حلول، وهو دائماً ما يستخدم الكلمات التالية مثل: دائماً، أبداً، كل، هم.

5- السلبي: يتميز بالسلبية وكثير التهكم ولا يتفاعل بإيجابية مع أي تغيير أو فكرة جديدة، ودائماً يجد الأخطاء في كل شيء، ويقول إن ذلك الأمر لن يصلح فقد جربناه قبل ذلك أو دعك من هذا الأمر إنساه، وهم يشيعون هذه السلبية بين الآخرين مما ينتج عنه آثار سلبية وضارة.

* كيف تتعامل مع هؤلاء ؟

استمع إليهم باهتمام شديد، تقبل وجهة نظرهم، لكن لا توافق عليها لأنك إذا فعلت ذلك سوف تعطيه الدليل على أنه كان محقاً وهذا سوف يزيد من سلبيته. لا تجادله ولا تعتذر له، قاطع سلوكه السلبي بأن تجعله يركز على الأشياء التي ممكن تنفيذها بدلاً من تلك الأشياء المستحيلة أو المشاكل التي قد تصادف العمل، فمثلاً ماذا ينبغي عليك فعله ؟ كيف ستحل هذه المشكلة ؟ لا تقدم له الحل جاهزاً ، بل تأكد من أن يعي الأمر جيداً أو يستوعب الموقف كاملاً عندما تتأكد من ذلك ومن استعداده لأن يستمر في العمل دعه يبدأ في تنفيذ الحل.

_ والآن سنحاول توضيح مجموعة الكبت ( القمع ).

6- الظريف جداً: هو إنسان لطيف ويتمتع بظرف وروح مرحة يريد أن يكسب حبه وقبول كل من حوله، يتفق معك في كل ما تقوله لأنه يخشى أن يفقد صداقتك أو يتسبب في غضبك منه، وهو يخفي مشاعره وهو دائم الاعتذار حتى ولو لم يكن هناك ما يدعو لذلك. فإذا قلت مثلاً , أن الجو لطيف بالخارج سوف يقول: أقدم لك اعتذاري.

* كيف تتعامل مع الإنسان اللطيف جداً ؟

حاول أن تشعره بأنك تحبه بغض النظر عن أي شيء ومهما حدث، كن صدوقاً مخلصاً في إطرائك له شجعه على إبداء رأيه الحقيقي وهنئه مشجعاً عما يفعل ذلك، وجه إليه أسئلة محددة وبين له أهمية إسهاماته بوصفه عضواً في الجماعة الأولية.

۷- القاتل الصامت: قد لا يشعر بقيمة نفسه ولا يكن أي تقدير لرأيه الخاص أو أفكاره وهو يخشى أن يتورط في مشاكل أو متاعب ويقول : " إنك على صواب، وأنا المخطئ " ولن يتحدث عن رأيه أبداً عندما تطلب أنت منه ذلك.

* كيف تتعامل مع القاتل الصامت ؟ اجعله يشعر أنك لن تتصرف معه بسلبية مهما حدث، شجعه على الحديث، وجه إليه أسئلة حرة وذات نهاية مفتوحة وعندما يبدأ في التجاوب معك استمع إليه باهتمام ولا تقاطعه وإذا حدث ولم يعطك إجابة كرر السؤال عليه ثم الزم الصمت لتمنحه الفرصة والوقت لأن يتجاوب معك ثم امتدح رأيه بعد ذلك.

۸- المتعالم: مثقف وقوي ونشيط وفعال، يعتقد أنه يعرف كل شيء وأن رأيه هو الأفضل وأن مقترحات الآخرين ليست سوى هراء، لذلك فهو لا يتقبل آراء الآخرين وإذا حدث وواجهت أفكاره وخططه الفشل فهو يلقي اللوم على غيره.

* كيف تتعامل مع المتعالم ؟ لا تحاول أن تصطدم به وأنت غير مستعد استعداداً تاماً، استمع إليه باهتمام، أشرح له وجهة النظر الأخرى، كن مستعداً لقبول حل وسط، ولكن لا تتفق معه فهدفك أن تكسبه لصالحك.

9- البالون: يتصرف كما لو كان خبيراً وعارفاً بالأمور، في حين أنه ليس كذلك ويريد أن يعجب به الآخرون لإنجازات ليس له فيها يد، وهو يسعى لذلك بالكذب والتصرف كما لو كان خبيراً.

* كيف تتعامل مع البالون؟ دعه يتفهم أنه ينبغي عليه ألا يأخذ كلامك على محمل شخصي وضح له الحقيقة وبرهن عليها بالوقائع، امنحه الوقت الكافي والفرصة لأن يتغلب على عقدته وكن بجانبه لتمد له يد المساعدة إذا ما احتاج لذلك.

وفي النهاية ندرج لكم بعض الصفات التي يجب أن نتحلى بها عند التواصل مع الآخرين وهي كالآتي:

الموضوعية: ويقصد بها أن تنتقد نفسك قبل نقدك للآخرين، بالإضافة إلى تقبل نقد الآخرين لك، ويقصد هنا النقد الإيجابي ليس القائم على المصالح الشخصية.

المرونة: المرونة والحياد والابتعاد عن عدم الانحياز التي تظهر في تعاملاتنا وعلاقاتنا في محيط الأسرة والعمل، وقد يكون الانحياز مطلوباً وحاجة ملحقة في المطالبة بالحق وانجاز الأعمال وأدائها.

التواضع: اعرف حدود قدراتك وإمكانياتك، لا تتعامل وتتهجم على من هم حولك، واجعل الكلمة الطيبة دائماً ضمن قاموسك اللغوي الذي تستخدم مصطلحاته في حوارك مع الآخرين.

الصبر والمثابرة: إذا كان هناك أشخاص يحاصرونك بالمضايقات عليك بالتحلي بالصبر والمثابرة والمحاولة في كل مرة تفشل فيها عند التعامل معهم حتى يتغيروا وتكفيهم حسبما تريد لكي نصل إلى نتيجة ترضيك.

سعة الأفق: لا تتشبث برأيك أثناء الحوار وتقبل الجدل والنقاش دون تعصب بل كن على استعداد لتغيير رأيك أو التخلي عنه إذا اقتنعت بذلك.

العقلانية: عدم الخضوع للمشاعر الذاتية، فلا بد أن تكون هناك تفسيرات وأعذار مقبولة لكل فعل يقوم به الإنسان تجاه غيره.

الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،،


  • 1

   نشر في 10 يناير 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا