السوريون ... لكل امرئ منهم شأن يغنيه - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

السوريون ... لكل امرئ منهم شأن يغنيه

  نشر في 06 مارس 2015 .

السوريون .... لكل امرئ منهم شأن يغنيه

خالد المسالمة - سورية

يذكر التاريخ لسورية ، الدولة القوية المعافاة ، أنها خففت كثيرا من معاناة أشقائها حين ضربت بلدانهم الحروب واضطروا للنزوح اليها ليجدوا فيها حضنا دافئا وشعبا كريماً وبيوتا ً مفتوحة بلا من ولا أذى.

اهتم السوريون منذ الاستقلال بقضايا أمتهم خصوصا قضية فلسطين ، ولحقها فيما بعد قضيتا لبنان والعراق ، وتفاعلوا معها في النكسات الانتصارات وعايشوا يوميات هذه القضايا ، فكانت (كما يقال) تأكل وتشرب معهم ، وكثيرا ما دفع السوريون ثمنا لمواقفهم المساندة لأشقائهم العرب برضى نفس وأقل الواجب ،

لكنهم ونتيجة للمحنة الكبرى التي تصيبهم لم يعودوا أصحاب مبادرة في المساندة ، و باتوا هم أنفسهم القضية الجديدة التي تضاف لسجل قضايا العرب الشائكة ، فالبلد تمزقه الحرب والشعب باتجاه الشتات.

بعد أن كانت المدن والقرى السورية كما هو معلوم للجميع تغص بالساكنين حالها كحال مثيلاتها في الدول الآمنة المستقرة ، وبعد أن عاش فيها هؤلاء السكان متآلفين لهم مجتمعاتهم الخاصة بهم مدنية كانت أم ريفية تحكمها علاقات إنسانية فيها الكثير من القيم الأصيلة التي توارثوها جيلا بعد جيل.

تعود كثير من السوريين على الاهتمام بمحيطهم سواء العائلي أم الاجتماعي فكثيرا ما كانوا متضامنين متكافلين يقف كل منهم بجانب الآخر وقفة الأخ لأخيه في السراء والضراء.

و يتذكر الجميع تفاصيل حياتهم اليومية في سورية ، يتذكرون دراستهم ، طبابتهم ، تعليمهم ، مهنهم ، أعمالهم ، تجاراتهم ، أوقات مرحهم ، أفراحهم ، وأحزانهم، يتذكرون ويذكرون كل شيء عن حياتهم الطبيعية بمشاعر مختلطة بين الأسى والحسرة والحنين والمكابرة واللامبالاة.

أصابت المصيبة سورية في مقتل ، حريق هائل أكل أخضر المجتمع السوري ويابسه ، فانتشر أبناؤه في الأرض مشدوهين هائمين على وجوههم فرادى وجماعات ، هجر معظمهم البيوت وغيروا العناوين وتنقلوا بين أحياء ومدن أخرى للإقامة المؤقتة ، والتي على ما يبدو ستصبح دائمة ، وبين مخيمات لجوء اقليمية روج بأنها بلا عنوان.

لم يكن حال السوريين في حربهم أفضل من أشقائهم المجاورين ، ففداحة الأمر الذي حل بهم ليس ذاتيا ً متعلقا بالوضع الداخلي فحسب بل لأن الخراب جاء أيضا ً في وقت تمر على المنطقة العربية عموما حالة من اللاتوازن والانقسام والتفتت ، وضعف وانهيار الدول الشقيقة التي يشد فيها الأزر وتعلق عليها الآمال في المحن والملمات ، وانشغال هذه الدول بما يجري داخلها.

حمل السوريون آلامهم وآمالهم وما استطاعوا حمله من متاعهم وأرواحهم ، وقصدوا الدول المجاورة ، واستوطنوا مؤقتا شريط حدود بلدهم ، عيونهم تراقب منازلَهم وقلوبَهم التي تركوها هناك ، يحدوهم أمل كبير بالعودة السريعة إليها .

أربع سنوات مضت من عمر الأزمة في سورية والتي استعصت على الحل فأدخلت اليأس إلى نفوس السوريين ، وضاقت أحلامهم بالعودة القريبة ، ونتيجة لتراكم الأوجاع وازدياد الأمور تعقيدا ً بدأ القادرون منهم يتسربون بعيدا ًعن حدود بلدهم وأبعد مما كانوا يتصورون.

يعيش السوريون ، أو من بقي منهم ، ظروفا تدفع كل واحد منهم للتفكير بنفسه وبعائلته الصغيرة حيناً ، وأحيانا كثيرة بنفسه فقط . لم يعد يعنيه شيء ، في حالة تكاد تشبه حال الناس يوم القيامة كما ورد في القرآن الكريم ،

"يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه"

والسوريين اليوم يفرون ولكل منهم شأن يغنيه ....


  • 1

   نشر في 06 مارس 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا