تخيل نفسك واقفاً في مكان ما و فجأة جاء شخص لا تعرفه سلّم عليك بحرارة و مشى , و جاء آخر عانقك و سألك عن أحوال والدك و مشى , و جاء ثالث قبّلك من وجنتيك و ذهب دون أن يُعرّفك بنفسه , و رابع جاء بطعام دسَّه في فمك دون إستئذان و هو يبتسم , و هكذا توالى عليك الغرباء يقتحمونك دون أن يُعرّفك أحد منهم بنفسه !
شعور غريب غير مريح , أليس كذلك ؟
هذا هو نفس شعور الطفل (ذكر أو أنثى) معظم الوقت , أينما ذهب إلى أي مكان , أشخاص يجيئون و يذهبون , يعانقونه و يقبّلونه , يدسّون الطعام في فمه , يرفعونه لأعلى , يسألونه عن (بابا) و (ماما) , و قليلا ما يعرّفه أحد بنفسه , بل قد يقتحم أحد الأشخاص عليه غرفته دون إستئذان.. و رغم أنهم يهدفون بذلك لإسعاده إلا أنهم لا يدرون ما يثيره ذلك في وجدان الطفل , يكفى نظرة واحدة إلى عينيه لتلمح الإضطراب و أحيانا الخجل في عينيه لأنه لا يعلم من هؤلاء ولم يعلّمه والداه كيف يتعامل مع الناس .
يغيب عن أذهان الكثيرين منّا أن الطفل إنسان شأنه شأن الكبار , يضطرب عند مقابلة الغرباء , يرغب في الجلوس أحيانا بمفرده , لا يحب أن يقتحمه أحد , يرغب في قليل من الخصوصية , و بالتأكيد لا يحب أن يدسّ أحد الأفراد الطعام عنوةً في فمه .
لذلك فمن الأفضل عند رؤية الطفل للمرة الأولى ألا نقتحمه و نمطره بالقبلات , بل نسلّم عليه ببشاشة و نعرّفه بأنفسنا و نكتفي بقبلة على جبينه في البداية , و من خلال لعبك و مرحك معه ستجد الطفل ينفتح عليك أكثر فأكثر , فالطفل بطبعه يحب التعامل مع الناس .
فرفقاً بالأطفال و براءتهم ...
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.