للحرب البطيئة جلّاد قاتل منغمس في الإجرام وذبح الإنسانيّة،لا يملك ميثاقاً أو دستوراً يقيّده،حرّ على مرّ الأزمان،يبطش كما يشاء،ويظلم كما يشاء،لا يملك وطن..بل يحكم واقع!،يجوب العالم باحثاً عن الأمل ليقضي عليه،لكنّه يبقى لعنة في كتب التّاريخ..وربّما لا،نعم إنّه العنصريّة!.

"أن يكون الإنسان حرّاً لا يعني مجرّد تحرّره من الأغلال التي تقيّده بل أن يعيش بطريقة تحترم وتعزّز حريّة الآخرين"-نيلسون مانديلا.

شهد العالم في القرون الأخيرة وبعد تفشّي العنصريّة في العديد من المجتمعات والبلدان بزوغ فجر الثّورة،والتّمهيد للحريّة الكبرى،فما عاد المظلوم يخاف من جلّاده،وأكبر مثال ما حدث عام 1955 في ولاية ألاباما الأمريكيّة عندما رفضت روزا باركس(مواطنة أمريكيّة من السّود) أن تعطي كرسيها في الحافلة لرجل أبيض،فجاء رجال الشّرطة وأخذوها إلى القسم،خرجت بعد فترة قصيرة بكفالة ليقوم بعدها مارتن لوثر كينج بتنظيم إضراب عن الحافلات دام 381 يوما.في عام 1964 وبعد صراع طويل،صدر قانون الحرّيّات المدنيّة والّذي حرّم التّمييز العرقي.

"السبب الحقيقي وراء عدم وقوفي في الحافلة وتركي مقعدي هو أنني شعرت بأن لدي الحق أن أعامل كأي راكب آخر على متن الحافلة، فقد عانينا من تلك المعاملة غير العادلة لسنوات طويلة"-روزا باركس

#القدس في التّاريخ

كانت السيطرة على القدس بمثابة حلم جميل وصعب لكلّ قائد عسكري،بدءًا من الصليبيّين الذين دخلوا القدس حاملين معهم حقداً شيطانيّاً وحقّاً باطل وتعطّشاً لسفك الدّماء،وانتهاءاً بالكيان الصّهيونيّ الذي جاء معلناً الحرب على الإنسانيّة جمعاء،مصرّاً على مفاجئة العالم بكمّ المجازر التي ارتكبها في فلسطين وتحديداً في مدينة القدس ولعلّ أشهرها مجزرة دير ياسين التي قتل وهجّر فيها مئات المواطنين،هكذا تسكن القدس في التّاريخ،مظلومة دائماً،مسكينة،وحزينة كالأميرة التي تخلّى عنها منصبها وصفعها القدر بكلّ شراسة.

"الأرض كلها فندق.. وبيتي القدس"-إدوارد سعيد.

#التّهويد في القدس

بعد فشل الكيان الصهيوني في إقناع أهل القدس على مرّ السنين الأخيرة في بيع بيوتهم وممتلكاتهم أو استأجارها،ورفضهم لأيّ تعويض مادّي،قرّر أن يرجع لسياسته الأصليّة ألا وهي السّلب والنّهب،وبدأ بحرب بطيئة على كلّ ما هو مقدسي،فمنع الأطفال من اللعب في المسجد الأقصى،ومنع من هم دون الخمسين من دخوله،ومارس العنف على العديد من النساء اللّاتي احتججن على منعهم من الصلاة في المسجد الأقصى،وأصدر العديد من القرارات العنصريّة منها:إبعاد معظم شباب البلدة القديمة عن المسجد الأقصى،السّماح للمتطرّفين بالدّخول للمسجد والعبث به،وآخر هذه القرارات قرار صدمني وأبكاني حقّاً وهو تحويل ملكيّة البيوت والمتاجر في حارة الشّرف (حارة اليهود حاليّاً)وحارة أجدادي منذ زمن إلى ملكيّة إسرائيليّة!.

 #هناك ولدت..في الأقصى كانت لي طفولة

في ختام هذا التّقرير المحزن والمخيف في آن واحد أوّد أن أتطرّق إلى جانب شخصيّ قليلاً،أنا ولدت في القدس وترعرت فيها،ركضت في أزقتها،ولعبت في باحات المسجد الأقصى وشربت من مياهه،وكان يطربني صوت الأذان ممزوجاً بأجراس الكنيسة،عشت في القدس واقعاً مؤلماً،وكنت أرى الجنود كلّ يوم ينزلون من سطح بيت جدّي حاملين معهم أسلحتهم الخائفة القويّة وضحكاتهم التي كانت تستفزّني وتشعل النّار في داخلي،بالرّغم من كلّ شيء فقد منحتني القدس طفولة لا تنسى، وذكريات حقّاً لن تتكرّر.رسالتي من هذا التّقرير أن تعملوا لأجل القدس وتكرّسوا جلّ وقتكم وطاقاتكم في سبيل دعم القدس ومنع تهويدها فبدعم القدس تدعمون الحضارة الإنسانيّة بأسرها.