يحكى أن رجلا كان يصارع الأمواج في عمق البحر و يستنجد الله بأعلى صوته لينقذه من الغرق.
يمر مركب من أمامه و ينادي عليه أحد الركاب و يمد له بطوق النجاة لينتشله به. فإذا بالرجل الغريق يصرخ بوجه منقذه قائلا: كلا شكرا، لست بحاجة لعونك، فيد الله القديرة كفيلة بإنقاذي من رحم الأمواج!
يمر مركب آخر، و تتكرر الواقعة و الأحداث نفسها، و يكرر الرجل تعنته و رفضه للمساعدة.
يغرق الرجل و يبتلع جسده البحر و تعلو روحه إلى ديار الحق. فيقف بحضرة خالقه و يعاتبه حزينا: ياربي، لقد صرخت إليك بأعلى صوتي و لم تنجدني، ناديتك حتى شق الصراخ حجاب صدري و لم تغثني، فلماذا تخليت عني؟
فيجيبه الرب: من كان له عينان فليبصر! لقد أرسلت لك بمركبين و لم تأبه بهما ! فاعلم يا بني أن أفكاري ليست بأفكاركم و لا طرقكم طرقي...
نتعرض في حياتنا لكثير من المواقف التي نطلب بها العون الإلهي، التي نستنجد بها الأقدار و ندعو بها السماوات لترسل لنا بإشارة أو هداية أو طوق نجاة. و كثير من الأحيان قد ننتظر و يطول انتظارنا، تتزعزع ثقتنا و آمالنا، تخيب ظنوننا و نعلن عن استسلامنا...
و لكن مما قد لا نعرفه أنه في كثير من الأحيان أيضا تكون الحلول موجودة، هنا و أمامنا، كل ما علينا فعله هو أن ندير رأسنا باتجاهها حتى نبصرها!
فقد يكون العون على هيئة فكرة أو صورة تتراقص في أذهاننا، كلمة أو قول ينطق أمامنا، شخص أو فرصة تدق بابنا...و ما علينا إلا الالتفات و النظر!
و يخطئ جدا من ينتظر معجزة سماوية قد فصلها مسبقا على مقاسه الأرضي، إذ أنه قد يدفع عمره غاليا ثمنا لانتظاره! و يخطئ أكثر من يفضل لحاق مخاوف عقله على اتباع شجاعة قلبه، و يندم من لا يتعلم قراءة اللغة الإلهية على لسان البشر!