كيف تساعد صديقك على مواجهة الاكتئاب قبل أن يسلبه حياته؟
"مش وحيد لكني وحدي"
نشر في 29 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
روتين يومي
عدت من العمل في الثامنة صباحًا
لا تدع خيالك يا صديقي يطلق عنانه، فلست أعمل في أحد الملاهي الليلية، ولست أعمل في أحد الفنادق السياحية، فليتني كذلك
بل أنا طبيب طوارئ في إحدى المستشفيات الحكومية أعمل ليلًا ولا ينتابني سوى "تراب الفلوس" كما يقولون.
مما اضطرني إلى أن أعمل بضعة ساعات مع أحد الأطباء الكبار في عيادته الخاصة.
اليوم كغيره نفس العبارات "حادثة يا دكتور معتصم الحق"
"اتنين متخانقين مقطعين بعض تعالى يا دكتور بسرعه"
"الحق يا دكتور... بيموت يا دكتور... هاتولي شاش.. هاتوا قطن... النبض بيقف يا دكتور... "
فانتازيا يعيشها كل طبيب مصري مساءً في المستشفيات الحكومية خاصة في الأحياء الشعبية.
بدلت ملابسي، المنزل يحتاج إلى الكثير من النظافة، معاناة كل شاب أعزب مستقل بحياته.
افتح الجهاز اللوحي لأشغل بعض المزيكا تصاحبني في ليلتي المظلمة كمثلها من الليالي.
تصاحبني نوستاليجيا الماضي، أعيش تلك المشاعر مع كل ليلة.
يقتلني الاكتئاب كل يوم، ينهش في قلبي، ويسلبه الحياة.
كم تشبه حياتي الآن ذلك الذي ضل سبيله في عرض البحر، وظل لأيام ينتظر أحد يمر فيلقي له قارب النجاة، وعندما مر أسطول من القوارب ظل يشير إليهم ويطلق الصفارات والصيحات ولكنهم لم يكترثوا لأمره.
ربُما لم يدركوا معاناته، أم أنهم أدركوا وجود معاناته وتركوه وحيدًا.
اكتمال أركان الجريمة
لتكتمل أركان جريمتي في حق نفسي، أخرجت مراسلات "خديجة" لي.
هنا تصفني بأني أجمل من رأت عينها، وهناك تخبرني بأنها أسعد من في الكون بوجودي جوارها، وها هنا تخبرني بأنها بدوني لا شئ، وفي ذلك الخطاب تقول أنها أسعد من في العالم وستحارب أي كائن حي لأجلي.
ومنذ أشهر أرسلت لتخبرني أننا غير صالحين لنكمل الدرب سويًا!!
أدركت بعد عامين أن كلانا لا يناسب الآخر!
الأمر كان وقعه مرير على قلبي، وكلما أخبرتها لنعود
تطلق على قلبي بعض من السهام الحادة ذات الطرف المسموم، تخترق قلبي لتُحدث نزيف يتساقط معه تدريجيًا شيئًا من حبي لها.
كنت أترك كرامتي جانبًا وبعد أيام أذهب لأُراسلها، ومع كل مراسلة تستمر في اطلاق سهامها المسمومة، ويستمر قلبي في النزيف.
ويستمر السؤال كيف تحولت تلك الملاك البرئ لهذا الرامي الذي يطلق سهامه ليقتل من أمامه بلا رحمة أو هوادة؟!
ومع استمرار السهام ها قد تسرب الباقي من حُبها مع تعدد محاولاتي....
وعاهدت نفسي على النسيان، ولكن ثمة روحي لازالت متعلقة بروحها.
وفصل الروح عن الروح يحتاج لحقبة من الزمن، تترك آثارًا مدوية وتأخذ من بهجتنا وتختلس من سعادتنا وتتركنا يتامى المشاعر.
حينما تتفق عليك أحداث الحياة
بالصدفة البحتة في نفس توقيت فراق خديجة، ازدادت مشاكلي مع أهلي سوءً، مشاكل منبعها عدم التفاهم، من المؤلم أن تجد من هم من دمك ورحمك لا يعطون لك اعتبارًا، لا يحاولوا حتى فهمك، أقصر الطرق لديهم لحل المشاكل الصوت العالي والمقاطعة.
حددت وقتًا ذكيًا، الجو صاف على غير العادة، هدنة وهدوء، من المحتمل أنها التي تسبق العاصفة، ولكني لن أسمح للعاصفة بأن تأتي هذه المرة.
أخبرتهم بأني سأستقل
توالت العبارات "ليه يا ابني؟" "هتسبنا وتروح فين" "مين ياخد باله منك"
أخبرتهم بأن هذا سيحدث عاجلًا أم آجلًا معللًا ببعد المسافة عن المستشفى وإني أعاني من المواصلات.
بعد انتقالي لمنزلي الجديد بأيام جاءتني الصاعقة، وفاة صديق عمري في حادث سير.
كان الأطيب والأذكى والأكثر احترامًا
هذه الحياة تأخذ الأنقى لأنه لن يتحمل الوجود في هذه الغابة
فاقد الشئ يعطيه
نظرت إلى الهاتف تذكرت أنه اليوم الأربعاء، يا للهول علي أن أُسلم المقال الطبي للموقع.
نعم اكتب في إحدى المواقع لاكتساب بضعة من المال ولأخرج هواياتي.
ولكن عم اكتب اليوم
وجدت يدي تلقائي تكتب "كيف تتعامل مع صديقك المكتئب؟"
يقولون فاقد الشئ لا يعطيه
وفي رأيي فاقد الشئ الأجدر على اعطائه
أو من الممكن أني اكتب هذا لاحتياجي لتلك المعاملة
لا اعلم سبب حاد ولكني ساكتب...
"عزيزي القارئ إذا كان لديك صديق يعاني من الاكتئاب عليك أن تعلم بعض المعلومات الطبية عن الذي يعانيه مريض الاكتئاب لتتمكن من معاملة صديقك
1- مريض الاكتئاب يشعر دائمًا بكونه فارغ
2- يشعر دائمًا بالوحدة وإن لم يكن وحده وهذا لأشياء عدة ربما أن من حوله لا يفهمونه أو لا يعطوه حقه من الاهتمام
3- شعورة الدائم بالاحباط وذلك بسبب شئ أثر علة نفسيته فترك فيه جرحًا لا يندمل
4- شعوره بالانهاك والارهاق المستمر، وذلك كون الاكتئاب ينهش من قلبه وروحه
5- لا يريد أن يواجه مرضه وحده، حتى وإن طلب منك ذلك.
6- ليس ضعيفًا، فقد يكون مبدعًا و ناجح في عمله ولكنه في اكتئاب.
ولذلك كل ما عليك :
1- سماعه جيدًا، اتركه يقص عليك كل ما في حوزته دون أن تشعره بملل من سماعه.
2- تجنب التعليق السلبي بقول "يا عم سهلة" "ده أنا كنت فاكر حاجة كبيرة" "ايه التفاهة دي" "اجمد شوية"
3- تجنب اعطاء احصائيات عن أصحاب المجاعات في العالم، وأنه لا يأتي شئ أمامهم، أو عن ما فقد أهله في الحرب، أو عمن بُترت قدمه فهو يعلم ذلك جيدًا لكن الأمر ليس بيده.
حين شاهدت مسلسل 13 Reasons why فقبل انتحارها بساعات أعطت لنفسها فرصة أخيرة، ذهبت للأخصائي النفسي في مدرستها لعله يساعدها ولكنها رجعت بخُفي حنين
وفي رسائل أحد المنتحرين أخبرنا أنه قرر إذا قابله شخص وهو في طريقة على الجسر ذاهبًا لإلقاء نفسه وابتسم له سيعدل عن قراره.
ولكن هيهات
فيا صديقي لا تترك إنسانًا تأكل أحزانه من نصيب سعادته، ويدق الموت بابه بسلاح الاكتئاب.
-
Mohamed Sokkarلدي ما يكفي لتغير العالم ... أحب الكتابة وأهوى القراءة وأعشق التغيير..بالتأكيد ستجد هنا ما يسرك ..."ادخل برجلك اليمين"