التنفس من جرح! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

التنفس من جرح!

  نشر في 09 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

لا استطيع ان انسى الغد، و انا اذهب الى الفراش كل يوم اتفقد الماضي على وسادتي،

 لا استطيع ان انسى الغد، ذلك الذي يجيء لا محالة،و ذلك الذي انتظره و لكنه لم يأت بعد

كما انني اجهل تماما كيف يمتلئ قلبي بكل هذا الامل و اليأس في الوقت ذاته و كيف لم افقد الصبر على عتبات الانتظار و انا لم اعرف الا الخيبة 

لكنني تعلمت أن اتعايش مع الماضي الذي لم يصبح ماضيا بعد، و الحاضر الذي يفرض نفسه، و الغد الذي ربما لم و لن يأتي ابدا كما اتمنى

انا يا صديقي كالكثير من البشر 

أتنفس من جرح ،

ترى كيف يعيش انسان يتنفس من جرح؟ 

لا افكر كثيرا في الإجابة، لكني اعرف بالتجربة 

 تصور غائبا عن الوعي يحلم بالحياة،أو ضريرا يفكر بالنور، او غريقا يتخيل اليابسة،

تصور ان تدور الارض حول الشمس و حول نفسها و  يتعاقب الليل و النهار، لتجد نفسك دائما في الجانب المظلم من الكرة الارضية مسجونا في شتاء لا يرحل. 

تخيل انسانا عاديا،

يستيقظ كل صباح، ليرى وجهه في المراة،  يتفحص اي حزن خطه الليل على جبينه، يتفقد خيباته، و يتأكد  ان أحزانه لا زالت في مكانها، ترقد بهدوء 

يرتشف قهوته، يصافح حزنه و يرتدي ابتسامته الفاخرة، قبل أن يخرج إلى العالم،

نعم انه تعيس لكنه ليس غبيا، يدرك تماما ان لا فائدة ترجى من عبوسه

 "مرحبا ايها المهرج، السيرك  بانتظارك، حاول أن تضبط قلبك، و دموعك، و تبتلع غصتك السخيفة، و صوتك الذي يريد أن يخرج من أعماقك و يصرخ بحقد في وجه الحياة،

و اهم من هذا كله حاول ان تنسى او تتناسى من تكون

لديك دور يجب أن تلعبه باتقان يا صديقي، فالحياة مسرح كبير و سينما و تلفزيون، و لا بد من ان تكون لائقا عندما تطل على الجمهور 

الجمهور الذي ينتظرك ليضحك عليك او ليضحك معك، و قد يصفق لك او يبصق في وجهك، 

ارجوك حاول أن تتمالك نفسك، لا تصغي لافكارك الحمقاء،

لا تخلع قناعك، 

فلا أحد يريد أن يعرفك حقا، إنهم فقط يرغبون في تصنيفك، و الحكم عليك 

يريدون التأكد بأنهم لا يغوصون وحدهم في هذا الوحل، و انك لست افضل منهم،

ثم تنطلق همهماتهم بالشفقة و الشماتة و الأكاذيب ، 

و يخرجون لك السنتهم الملونة من خلف اقنعتهم البراقة،

و تبقى انت بوجهك العاري تحدق بهم في بلاهة،

و تتعثر كلماتك الصادقة فوق لسانك الذي يخلو من المساحيق،

و تتسمر في مكانك،

و تشعر بأنك شجرة، تعجز عن الفرار إلى اي مكان

شجرة لها قلب انسان يشعر الان بالمهانة و القهر ،و لا يدري اين يجد ارضا تبتلعه، و هل ثمة ارض يقف عليها من الاساس

او ربما لا يكون بهذا الثبات،

ربما يشعر بانه مجرد رذاذ شفاف، يتطاير في الهواء، سرعان ما يختفي و يزول، 

و بعد قليل لن يشعر احد بوجوده و لن  يبقى له اي أثر 

ربما تفهم الآن 

نظرية انسان يتنفس من جرحه،

فلا يموت و لا يبرأ و لا يختنق،

ممثل جاد لا تروق له الأدوار الهزلية،  لانها ليست لعبته و لا شغفه 

لكن الحياة كما ترى حفلة تنكرية كبيرة و لا يصح ان تحضرها بوجهك الحقيقي،

هكذا تقول القواعد و هكذا ينصحك فرانتس كافكا و اتفق معه تماما يا صديقي.





  • 1

   نشر في 09 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا