موسمية الاحتيال السياسي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

موسمية الاحتيال السياسي

  نشر في 30 يوليوز 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

اعتاد الشارع المغربي أن يشرف عليه رجال السياسة بالبلاد و ممثلو الشعب في المجالس التشريعية و المحلية،و معهم أقاربهم و الدائرون في فلكهم من معارفهم الذين استفادوا منهم،أو من يحلمون بالحصول على شيء من فتات وعودهم الجوفاء و الكاذبة كلما دنا موعد الاستحقاقات الانتخابية مثلما تشرق الشمس ذاوية محتشمة في أيام المطر.

فهؤلاء الساسة المحتالون يظهرون للشعب و يختلطون به،و يتركون حياتهم الباذخة و متعهم المألوفة و يصبحون شعبيين وُدعاء،مستكينين تمهيداً لأطماعهم الاجتماعية و الاقتصادية،ثم يغيبون عن الأنظار و يحتجبون حين تتحقق ضالتهم المنشودة في احتلال مراكز التعالي و التميز،و ارتقاء أبراج الأعيان و الوجهاء ذوي المال و السؤدد،ثم يديرون في أيديهم خاتم سليمان،فتأتيهم العفاريت بكل ما يطلبوه،و يصيرون أغنياء و أصحاب جاه و سلطان بين عشية و ضحاها.

إن واقع السياسيين المغاربة المتطفلين و المنافقين يتنافى مع مفهوم السياسة الحقيقية التي تعني بإيجاز شديد،الالتزام بحسن تدبير إمكانات الشعب و استثمارها في تلبية حاجاته،و حل مشاكله و أزماته عن طريق المبادرات الفردية و الجماعية الإيجابية،و مشاركة كل الأطراف المقنية مشاركة فعالة و نزيهة في وضع برامج التنمية و مشاريعها من جهة،و في السعي إلى تنفيذها و إدراجها في سياق الواقع المعيش من جهة ثانية.

في حين أن معظم المنتمين إلى النخبة السياسية المغربية،تستبد بهم الحساسيات الانتهازية و الخلفيات المصلحية التي تفضي في نهاية المطاف إلى تعطيل الصالح العام،و تعميق أزمات البلاد أكثر فأكثر،و تفتح الباب على مصراعيه للشطط التدبيري،و التسابق نحو مناصب النفوذ السياسي و تسلق سلم الارتقاء المغشوش و المجاني اجتماعياً و اقتصادياً.

إن السياسة في المغرب أصبحت مجالاً للدسائس و افتراء الشائعات و الأكاذيب،و اتخاذ المواقف الزئبقية المحتالة و الرخيصة من أجل الكراسي البرلمانية و الحقائب الحكومية،و اقتسام غنيمة الشعب المغربي،و نهب ما تبقى من مخزون صناديقه و نتاج عرق جبينه.

فصار العمل السياسي و ما يتيحه من فرص و خيارات للتربع على الأرائك المريحة و جمع الثروة العريضة،أفضل بكثير من الشهادات الجامعية العليا و التخصصات العلمية المتميزة،فبات مع هذه المفارقة الغريبة،أن تصل السياسة القائمة على الخداع و الثقافة السوقية المتزندقة بالفاشلين تعليمياً و تربوياً،و المتفننين في تنميق القول و إتقان الكلام السوقي المرصع بالألفاظ البديئة،إلى إزاحة رجال الثقافة السياسية الصحيحة والفكر النير عن مواقع القرار،و إدخال البلاد في متاهات التراجع الاقتصادي و الاجتماعي المستمر،و السير بها نحو الانهيار إنْ على مستوى معدل النمو أو التضخم و ارتفاع العجز التجاري،و اللجوء إلى التدابير و المراسيم الترقيعية بدل البحث عن المجالات الحيوية و مصادر الاستثمارات،و المشاريع المدرة للمال و المحققة للثروة المستدامة.

إن ما تشهده الساحة السياسية في هذه الأيام،و ما سيعتريها خلال الشهور القادمة من تكالب السياسيين الوصوليين،و الضاحكين على ذقون المغاربة و خرجاتهم المتكررة،و بروزهم السافرو القصديري،لدليل قاطع على غبائهم السياسي معتقدين بأن الشعب المغربي مازال على عهود ذي القرنين،قابلاً لينطلي عليه التضليل السياسي و ماكياجات الدعاية الانتخابية الماكرة،التي تعرفها المؤتمرات الحزبية هذه الأيام،و الساعية بكل إصرار إلى إبقاء دار لقمان على حالها،و ابتزاز المزيد من كنوز مغارة " علي بابا ".

إن الشعب المغربي ضاق ذرعاً بهذه الوجوه الممسوخة،التي أوصلها في غير ما مرة إلى تمثيله في المجالس المحلية و البرلمانية،و هو عازم على قطع الطريق أمامها هذه المرة بعد أن خدعته،و خذلته و انصب جشعها المتوقد على حماية مصالحها الذاتية،و الجري وراء الأبهة و الترف و هدر المال العام دون حسيب و لا رقيب.

و للشابات و الشباب المغاربة دور طلائعي في إحداث التغيير السياسي المتوخى،فعليهم أن ينخرطوا بكثافة في الانتخابات القادمة،و الإدلاء بأصواتهم لزعزعة الثوابت،و ترجيح كفة نخبة سياسية جديدة و واعدة،يمكنها بفضل حسها الوطني،و غيرتها على الصالح العام أن تعيد بسمة الأمل و التفاؤل إلى الشعب المغربي،رغم قلة تجربتها و قصر دلوها في إدارة الشأن العمومي،إلا أنها كيفما كان الحال،لم تتعلم بعد أساليب الاحتيال السياسي،و قضاء المصالح الضيقة،ذاتية كانت،أم حزبية أم نقابية


  • 1

   نشر في 30 يوليوز 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا