حبّ الوطن ومفهوم المواطنة فطرة إلهية و فريضة دينية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حبّ الوطن ومفهوم المواطنة فطرة إلهية و فريضة دينية

* حبّ الوطن من الإيمان*

  نشر في 06 أبريل 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

الوطن هو المكان و الموطن الذي ارتبط به الإنسان، و سكنه روحا وجسدا، وهام به حبّا و حنينا، فغرم بصحرائه الواسعة، و جباله الشاسعة، و أوديته المنهمرة، و سهوله الخضراء الخصبة، كما أحبّ بحاره بشواطئها الجميلة، و سواحلها السّاحرة، وفي أدبنا المعاصر تراث فني رفيع كامن في حبّ الأوطان، يقول عنه الأديب أحمد أمين:" ويكون حبّ الأوطان عند أكثر النّاس في حال كمون إلى أن يدهم و طنهم خطر أو توجد دواع تنبّههم، فتنتبه مشاعرهم، و يظهر حبّهم لوطنهم بأحلى مظاهره، و يدعوهم إلى العمل على خدمته، فيبذلون نفوسهم و أموالهم في سبيل نصرته و الذوذ عن مجده و حريّته* و في المعاني التي جاءت في هذه التوطئة انتظمت اليوم الإثنين06 أفريل 2015م بالمركز الثقافي الإسلامي لولاية بومرداس ندوة فكرية بعنوان:* دور علماء الجزائر في ترسيخ مفهوم المواطنة وحماية الوحدة الوطنية* هدفها تنوير الجيل الجديد بقيم و مقومات المواطنة و تنمية الحس الوطني بحب الوطن، حيث جاءت مداخلات الأساتذة المحاضرين تنصب حول هذا المقصد الأساسي و خلصت إلى النقاط التالية:

1- أنّ حبّ الوطن فطرة ربانية جبل عليها الإنسان، فلا يحتاج إلى دليل عقلي أو شرعي لنستدلّ على وجوب اعتناقه.

2- إنّ في قيم ديننا نصوص من القرآن الكريم و السنّة النبوية و سيرة المصطفى محمد عليه الصلاة و السلام ما يؤكّد على أنّ حبّ الوطن من الإيمان، وهو من واجبات الدين و فرائض الإسلام، فقد حكى القرآن الكريم عن نبيّنا إبراهيم عليه السلام دعاءه لربّه بالأمن لوطنه و سعة الرزق فيه، وحبّ المستقر و المقام وهو *مكّة* بلده الأمين، في قوله تعالى على لسان إبراهيم:* وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله و اليوم الآخر قال ومن كفر فأمتّعه قليلا ثمّ اضطره إلى عذاب النّار و بئس المصير* فكان من حب إبراهيم لوطنه أن ساوى في دعائه لبني وطنه في سعة الرزق و رغد المعيشة و لم يحتكر ذلك لأهل الإيمان، بل حتّى المواطنون خارج دائرة الإيمان شملهم دعاؤه* قال ومن كفر فأمتعه قليلا*.

وفي سيرة المصطفى دعاء جامع مانع من محمد عليه الصلاة و السلام لوطنه و مستقره و مأواه بالأمن و الأمان و العافية و السلام كما جاء في قوله:* اللهمّ اجعل المدينة ضعفي ما جعلت بمكّة من البركة* إلى أن يقول:* اللهمّ بارك لنا في تمرنا و بارك لنا في مدينتنا و بارك لنا في صاعنا و بارك لنا في مدّنا اللهمّ إن إبراهيم عبدك و خليلك و نبيّك و إنّه دعاك لمكّة، و أنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعا لمكّة و مثله معه*

3- تراثنا العربي الأدبي و الفني حافل بقيم حبّ الوطن و التغنّي بالوطنية و لو كان الوطن أرضا جدباء قاحلة مقفرة حارة لا ماء فيها و لا نبت، وخير من جسد حبّ الأوطان ة النزوع إليها أعرابي حينما قيل له: كيف تصنع في البادية إذا اشتدّ القيظ و انتعل كلّ شيء ظلّه؟ أجاب قائلا: و هل العيش إلاّ ذاك، يمشي أحدنا ميلا فيرفضّ عرقا، ثمّ ينصب عصاه و يلقي كساءه، و يجلس في فيئة يكتال الرّيح، فكأنّه في إيوان كسرى..*

وقيل لأعرابي آخر: ما الغبطة؟ قال الكفاية و لزوم الأوطان و الجلوس مع الإخوان، قيل: فما الذلّة؟ قال: التنقّل في البلدان و التّنحي عن الأوطان..*

3- لقد كان حبّ أسلافنا من علمائنا خصوصا و أسلافنا عموما لوطنهم حبّا خالصا طاهرا نقيّا لم يشتروه بدرهم و لا دينار، و لم يوضفوه للحصول على منصب أو جاه، بل كان عندهم عقيدة راسخة و إيمانا صادقا يذودون عن أوطانهم و يستميثون من أجلها ثوقا في تحريرها و عملا على بنائها و تعميرها ولو حرموا من خيراته و منعوا من فيض رحماته، وقديما قال شاعر:

لقرب الدار في الاقتار خير***من العيش الموسع في اغترابا

4- إنّ ما شاع في عصرنا الحاضر عند جيلنا الجديد من التنكر للأوطان، وهجر حبّها إنّما مردّه إلأى شيوع ثقافة التيأيس و الإحباط من جرّاء تصرفات البعض الخاطئة حينما صار حب الوطن و التغني بالوطنية سلما للوصول لنيل المناصب و تقلد المراتب و الحصول على المكاسب، أو حكرا على طائفة تختزله لنفسها و تحرمه عن غيرها أو تحويله إلى حزب سياسي المنخرط فيه يصير وطنيا و الخارج عنه يصير خائنا، وشاع احتكار الوطنية و المواطن على الولاء و الراء السياسي، وقسم أهل الوطن الواحد إلى وطنيين وغير وطنويون و إلى مواطن من الدرجة الأولو و آخرين من الدرجة الثانية، فهذه الثقافة الخاطئة هي التي سوقت لجيلنا هجر الأوطان والتغرّب عنها و التنكر إليها.

5- الوطنية ينبغي أن لا تكون مكسبا أو مغرما، بل هي عقيددة و إيمان، وإنّ تنمية الحس الوطني عند أجيالنا الجديدة يأتي حينما يتقاسم أبناء الوطن الواحد آلام الوطن كما يتقاسمون لذائذه، ويتوخي ميزان العدل في تقسيم ريع الوطن، وتنتفي مواطن التزلف وطرق الغش في تحقيق المنافع العامة على أساس القرابة أو الحمية أو المال أو الجاه.

6- و أخيرا إن جهود علماء الجزائر قديما وحديثا جهود مضنية في الاستماتة على حب الوطن و تنمية الحس الوطن و غرس قيم المواطنة الصحيحة، و خير من جسد الوطنية بصدق و تفانى من أجلها، و نذر نفسه إليها إمام النهضة الجزائرية الشيخ: عبد الحميد بن باديس أظهر ولاءه للوطن الجزائر وخدمته و الدفاع عنه و الموت في سبيله وأحبه حبا جما كحبه للدين الإسلامي الحنيف من خلال مقال كتبه شارحا ومعربا عن نزوعه هذا حينما طرح سؤالا عن نفسه و أجاب عنه:-لمن أعيش؟ فأجب: أعيش للإسلام و الجزائر، محددا تصوره للوطنية الحقة في شرح مستفيض قلّ مثيله و عز نظيره عن معنى الوطنية الحقة جدير بالجيل الجديد أن يتقفى أثره و يسير على هديه و لله الحمد و المنة.



  • 1

  • محمد لعروسي حامدي
    بعد أن قضيت فترة زمنية في التعليم الثانوي انتسبت في سنة2000م إلى وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف فاشتغلت فيها: مفتشا للتوجيه الديني و التعليم القرآني....
   نشر في 06 أبريل 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا