عفوا أمي …حاولت تجاهل عيدك هذا العام
اللامبالاة فضيلة تحمينا أحيانا من الوجع
نشر في 18 مارس 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
عفوا أمي … حاولت تجاهل عيدك هذا العام
أمي الحبيبة .. عذرا ! فقد حاولت تجاهل عيدك – عيد الأم – هذا العام ..حاولت البعد عن أي مؤثرات تثير عاطفتي.. حاولت اعتناق فضيلة اللامبالاة ..نعم اللامبالاة حقا فضيلة لأنها تحمينا أحيانا من الوجع ،
حاولت بالفعل الإبتعاد هذا العام عن كل تلك الذكريات التي دائما تلاحقني في مثل هذا اليوم ، حاولت أن أصم أذناي عن أي أغاني تتغنى بك.. و تجاهل المقولات والكتابات التي تكتب في أروقة الشبكات الإجتماعية في هذا اليوم ، حاولت يا أمي أن اعيش هذا العام إحساس الأم وليس الأبنة ، لربما أتناسى مرارة الفقد ولهف الوحشة ولو قليلا ..نعم يا أمي حاولت اصهر ذكرياتي معك في إحتفال أبنائي بي واتجاهل ذكري احتفالي بك ..أن أتناسى هذا اليوم وذكرياته الحلوة التي تحولت لمرارة بعدك ،
حاولت أتناسى لهفتي في احتضانك لي وأنا أقول لك. "كل سنه وأنتي طيبه يا ست الحبايب"
حاولت يا أمي هذا العام أن أكون أقوى وأصمد ،.. ولما لا وقد مر على فراقك ١٣ عاما وتسعة أشهر، ألا يجب أن أكون قد اعتدت غيابك ! ألا يجب أن أكون قد اعتدت وحدتي بدونك !
أليس طبيعي بعد كل هذه السنوات أن تمر علي تلك المشاعر التي كنتي تشاركيني إياها دون الشعور بالفقد أو بإلاحتياج !
أتتذكرين يا أمي كم كانت فرحتي لا تكمل بأي شيء إلا حينما تفرحين معي ، وكم كنت أجري إليك تحملني لهفتي في رؤية فرحتك بي وهنا فقط كنت أشعر بإكتمال الفرح.
أتتذكرين كم من أحزان أو مخاوف حملتيها عني ، وكم كان الحمل يهون حينما تحتويه وتحتويني !
آاااه يا أمي في القلب كثيرا من وجع بقدر إشتياقي لك .. حاولت كثيرا وكان للأسف مستحيلا !
كيف استطيع أن أنسى ضمة حضنك لي وانتي تستقبليني على باب البيت، كيف استطيع أن أنسى فرحة قلبك وخجل عينيك وأنا أهديكي ذرة من أفضالك علي في يوم عيدك !
كيف استطيع تناسي عطاءك اللامحدود حتى في أشد أوقات مرضك ..حينما كان المرض يتحول لطاقه عطاء وبذل في حضرة أبناءك وأحفادك ..
أااه يا أمي لقد مررت سنوات وسنوات ومازالت الذكريات قابعة في الوجدان لاتبرحه مهما حاولت التجاهل أو التناسي .. ومازالت الصور في المخيلة مكتملة ، ولن تمحيها عوامل زمن أو زهايمر
سنوات مرت يا أمي بدونك ، كبرت فيها أبنتك دهرا!
فرمتها كبوات الحياة وصدمات الواقع .. لن تتخيلي كيف أصبحت ابنتك المدللة التي كنتي دائما تخشين عليها من مدى حساسيتها .. لا تقلقي يا أمي فقد صاغتني جيدا الحياة ومنحتني حكمتك ونضجك واضافت لي تجربة الحزن قوة وصمودا في أحلك الأزمات.. حتى أحفادك يا أمي كبروا ومازالوا ويتذكرون هذا اليوم جيدا حينما كانوا يأتون أليك بهداياهم الطفولية وبطاقاتهم التي تحمل بصمات الحب لك .. وكم كنتي رائعة حينما كنت اراك تتحولين لطفله تلعب معهم وتسايرهم بساطتهم وبرائتهم.. حقا لقد كنت اكتشاف جديدا لي لم أكن اعرفه عنك من قبل !
نعم كل مرحلة كنت اكتشف فيك جديدا وكم أبهرتني اكتشافاتي لك .. لم تكونين مجرد أما عادية تربي وتضحي بل كنتي مثالا للرقي في التعامل مع الآخرين ..كنتي مثالا في الكرم مع المحتاجين والذي لم اكتشفه إلا بعد فراقك ..نعم في الخفاء كنت تعطين ، وكم كان يبهرني تسامحك و كم كانت تبهرني ضحكتك والدموع في عينيك ، ماهذا القلب الذي كان ينبض بين ضلوعك! هل هو قلب طفلة أم قلب ملاك!
أبعد كل هذا وأكثر أاستطيع أن أتجاهل ..أاستطيع أن أنسى أو أتناسى ..
اعذريني يا أمي لأنني حاولت أتجاهل عيدك كي أعفو نفسي من وجع الذكرى ، لقد حاولت ولكنني فشلت والسبب أنت أيتها العظيمة الحية المتجسدة داخلي فكيف انساكي وأنا اعيش فيك وتعيشين في.
-
سامية فريدسامية فريد كاتبه ..صحافية ومدونة .. اعشق الكتابة واتنفسها ولا يهمني تصنيف بصمات قلمي … المهم كتابة ما استشعره ومايحمله من صدق وشفافية.