المعرفة لا يمكن أن تكون فيسبوكية
قضيت عدة سنوات في الفيس بوك أمهلت فيها القراءة تدريجيا ، وكان هناك قول معرفي بأن صفحات الفيس بوك بها خيرات كثيرة ، صحيح أن العالم الأرزق يتيح لنا التلاقح الفكري ونشر الافكار والمعلومات بصورة غير تقليدية سريعة بعيدا عن سيطرة البيروقراطية الاجتماعية والحكومية ، لكن الكتاب المطبوع هو عين الثقافة وبحرها وأصل النبع الصافي لها ، إذ لا يمكن أن تفهم النتائج والاحداث دون تفقه البدايات ، ليس صحيحا أن الامور واضحة للجميع بل العالم مضطرب علي أشد الاضطراب والأمة الاسلامية لا تبعث من جديد ولكنها في انحدار وهزيمة تاريخية نكراء فهي تخير اليوم بأن تعيش في حالة العبودية للغرب باستخدام الطغاة والوكلاء عن الاستعمار العالمي ، أو أن تتدمر وتحارب بعضها بعضا حتي تحترق وتصبح رامدا محرقتا ، هنا تظهر أهمية المعرفة ودورها في استقامة فهمنا للعالم من حولنا
وسائل الاعلام بلا استثناء موجهة لخدمة مشاريع متصارعة نحن ضحية هذة المشاريع والحروب والانقلابات في الشرق الاوسط ، أمريكا تغادر المنطقة وتتركها للصراع العثماني الروسي والاروبي ولا تريد أن تتورط أكثر مما مضي ، فلا حاجة لها في النفظ بعد اكتشاف النفط الصخري وتطوير حقولها ،واسرائيل في أقصي درجات الأمان بعد الخراب الذي حل بالعالم العربي ، اذا المعركة شديدة الوطيس ونحن لا نفهم أبعادها لجهلنا وخضوعا للتأثير الاعلامي الذي يستهدف هويتنا وبلادنا وقبل ذلك ديننا
اعادة القراءة للاحداث من البداية تتيح لنا فهم الصراع وتحليل الخلل المعرفي لتحليل واقعنا الذي امتلأ بالمزيفين أكثر فأكثر ، وفلولا الجهل ما وصل الصراع السياسي والحماقات العربية الي هذا الحد ، نعم سد الخلل يحتاج الي مجهود دول ومنظمات وعمل جماعي كل في مجاله ، و لكن أين الرؤية والاستراتيجية الجماعية للمجتمع الممزق ايدولوجيا وسياسيا واجتماعيا والمنهك إقتصاديا والذي يطلق مسمي الثقافة علي الاباحية وأفلامها
الفبس بوك عموما ومواقع التواصل الاجتماعية لا تأصل للمعرفة الحقيقية بل هي عين الاجتزاء والتوجية المفتقر للمعلومية في الغالب الأعم يتم فيها استخدام لغة عدمية وقمعية تلغي وتحقر وتتهم الاخر حتي اصبح الفيس يشبه حلقات التواصل المحصورة مع نفس الفكر ونفس التوجهات وفقط ليفقد الصفة الايجابية التي يفترض أنه نشأ من أجلها
اذا تعميق المعرفة يقتضي تغير ثقافتنا في التلقي عن الاعلام وعن المواقع الاجتماعية وتغير طريقة تكوين أرانا وتدوينها لتعتمد علي المعلومة المجردة القائمة علي الاساس العلمي في البحث لتتيح للاخر حق الرد والاعتذار وتكوين القناعات وتغيرها
فمع من تكون المعركة مع الجهل أو أم مع الاستعمار الذي يستهدفنا بالجهل والتضليل ثانيا ؟