سأبدأ في موقف حصل أمام عيني في السوق, حيث كان يوجد هناك طفل يبلغ من العمر تقريباً مابين 3 إلى 5 سنوات, وكان يوجد بين يديه بالون مليئ بالهيليوم الغازي وكان الطفل يضرب البالون بشكل عنيف ولو كان مابين يديه طفل لفقد الوعي.

الأطفال هم زهرة الحياة وهم قادة المستقبل إما تسقيهم بماء نقي حتى ينمو ويزدهر, أو تتركهم لحشرات المجتمع يلتهموا مايريدون منهم, هل تعلم أن الطفل من بداية عمره إلى سن ال5 أو 6 سنوات تتكون شخصيته وتنصقل كما أنت شكلتها في يدك, ويوجد العديد من الدراسات التي بحثت في موضوع تأثير الكلمات السلبية أو الإيجابية على الطفل ومدى قوتها في بناء الشخصية.

إن الطفل مثل العجينة أنت من تشكله, إن كنت تريد طفلك شخص جبان سيكون جبان, إن كنت تريد إبنك شخص شجاع سيكون شجاع, أنت من تتحكم بهذا الشيء ليس بقدراتك الخاصة بل بتصرفاتك وطرق تعاملك معه, إن الطفل يخرج على ما تربى ونشأ فإن البيئة قبل الوراثة هي السبب الرئيسي لكل سلوك يخرج من الطفل سواء كان سلوك سوي أم غير سوي, فلا تقل من أين أتى هذا السلوك ولماذا وتغضب!! فلا يوجد سلوك حدث بالصدفة, وبكل بساطة الطفل شاهد ثم خزن ثم طبق, هذه هي العمليات الأساسية لدى الأطفال الصغار قبل تكوين واستقلال شخصيتهم.

إن الاضطرابات السلوكية والإنفعالية لدى الأطفال موضوع معقد ومتداخل بنفس الوقت لأن نحن نشاهد فقط السلوك خارجي, صورة تعكس ما شاهد الطفل ولكن لا نعلم صدقاً من الداخل مايشعر به الطفل عندما شاهد هذا السلوك ثم طبقه,ونحن اليوم في حرب خفية مع الأيباد والجهاز المحمول, كما نحن نربي هو أيضاً يربي, ولكن السؤال القوي عنا من الشخصية المؤثرة فعلا في حياة كل طفل؟؟

هل هيا برامج التلفاز والأيباد التي أخذت مكان الأب والأم وربت أطفالنا على قيم ومعتقدات خاطئة وغرزت فيهم العدوان والإنسحاب والعزلة وجعلت منهم أجهزة تتحرك بجهاز تحكم إسمة الهاتف؟

أم شخصية الأب الحنون, الصديق, الصامد, القريب من أبنائه؟ أم الأم الكريمة, الحنونة, الدافئة؟

وعلى العكس ربما يكونُ الأب والأم القاسيان, المتسلطان, المهملان.

كل هذا هو السبب الرئيسي في ظهور أي سلوك من الطفل سواء كان مقصود أم غير مقصود, ويعرف أيضا بالسلوك الخفي الذي يتم تعلمة بدون معرفة الأب والأم أن الطفل إكتسب هذا السلوك.

عزيزي القارء إن كنت متزوج ولديك أبناء, أو كنت معلم وتربي أجيال, ليس من العيب أن تضحك وتلعب وتكون أراجوز مع الطفل, فإن رسلونا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يمشي على أربعة والحسن والحسين كانوا على ظهره, إن اللعب مع الأطفال وإحساسهم بالأمان لا يجرح من كرامتك ولا شخصيتك, كن مع أولادك, مع طلابك الشخص المحب, وكن أيضاً الشخص الحازم عندما يتطلب الأمر,كن شديداً ليناً, ولكن كن قريب لأننا اليوم في زمن اليوتيوب, عند تعرض الطفل لأي مشكلة لن يلجأ إلا لمن كان مسيطر عليه, فأنت من تقرر إلى من يلجأ الطفل عند تعرضة إلى أي مشكلة.

في الخاتمة يجب أن تأخذ قرار أن تكون أنت القدوة المؤثرة لدى طفلك, وأن تخصص وقتاً من يومك لهم كما تخصص وقتاً للدراسة والعمل وغيره, وأن تفهم أن (كلكم راعي وكلكم مسؤولٌ عن رعيته), فطفلك أمانة وهبها الله لك فكن الشخص الأمين على هذه الأمانة وإن كان لديك طفل متعلق في أجهزة التلفاز والأيباد, تحرك الآن وإملأ هذا المكان في المحبة والأمان وعزز الثقة لدى طفلك, فكما قمت بمعاملته اليوم سوف يعاملك غذاً, ولا تدع هذه الأجهزة والبيئة الغير سوية هي من تفوز عليك.