الأديب الرسالي و الأدب المؤثر
نشر في 05 أكتوبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لقد بينا في ابحاثنا في جوانب الابداع ان الرسالية ركن من اركان الابداع ، و انه لا يمكن وصف العمل بالتكامل ابداعيا ان لم يكن مشتملا على عنصر الرسالية . و الرسالة الادبية قد تكون اجتماعية و قد تكون فنية . و في الحقيقة و بوضوح شديد اذا لم يحقق الأديب رسالة ادبية سواء اجتماعية او فنية ، لن يكون لكتابته اهمية تذكر ، و انما يكون شيئا طارئا ، لذلك على الكاتب الا يكتفي بالكتابة الادبية و جمالية الكتابة بان يكون معدودا كاسم بين اسماء الادباء ، بل لا بد ان يسعى الى الكتابة الرسالية التي تحدث اضافة و تحقق تميزا في العطاء .
الرسالة الاجتماعية للأدب رسالة غرضية حياتية تقصد تجلي الانتماء الوطني و الانساني و الكوني ، يكون فيها الشاعر صوتا صادقا لهموم الامة و الانسانية ، و لا يجب ان تكون الكتابة تعبوية ، و انما يجب ان تكون كتابة موقف ، و لقد اسميا هذا الشكل من الادب بـ ( أدب القضية ) . و لرسالية الأدب صورة اخرى هي الصورة الفنية بأن يحقق الكاتب تميزا فنيا من حيث الاسلوب يدفع بالأدب السائد الى الامام و يخرجه من الركود ، و لا يجب ان يحقق الكاتب مدرسة و مرحلة تاريخية ، و انما يجب ان يحقق تقدما فنيا و جماليا يهز الواقع و يحركه .
ان اهم مميز للادب الفاعل هو تحقيقه للصدمة الفنية . اذ كما ان للنص الادبي صدمة جمالية و ذوقية في نفس القارئ و المتلقي ، فان له صدمة فنية في نفوس المختصين بالادب ، بمعنى اخر انه كما ان للادب انجازا جماليا في نفوس القراء يضعه في مراتب الابداع ، فان له ايضا صدمة فنية في نفوس الكتاب يضعه في خانة الادب المؤثر .
من الأمثلة الحية و الواضحة للأدب الرسالي المؤثر الذي حقق صدمة جمالية في نفوس القراء و حقق صدمة فنية في نفوس الكتاب هو كتابات قصيدة النثر بالكتلة الواحدة ، باسلوب السردي التعبيري و شكل الشعر السردي . من الواضح ان السردية في الشعر قديمة كما ان تقنيات السرد التعبيري ايضا يمكن تلمسها في كتابات قديمة ، الا ان الاضافة المهمة في شكل القصيدة التي تقدمها (مجموعة السردية التعبيرية و الشعر السردي ) هي ( قصيدة الكتلة الواحدة ) بشكل جمل و فقرات ، حيث انها هزت و حركت واقع الشكل المعهود للقصيدة التي تكتب بشكل تشطير و عمود ، علما ان قصيدة النثر النوذجية الغربية تكتب بشكل جمل و فقرات و تعتمد السرد التعبيري . و منذ الاعلان الاول عن مجوعة السردية التعبيرية في (1\6\2015 ) وهذه المجموعة ترفد الادب العربي المعاصر بنماذج فذة و متقدمة في قصيدة النثر النموذجية و التي اصبح كتاب هذه المجموعة سفراء حقيقين و رواد مبدعين لهذا الشكل الادبي الذي بدأ يتسع بين الكتاب و الذي سيأخذ شرعيته و مكانته اللائقة به عاجلا أم آجلا .
هذا الانجاز هو نموذج حقيقي و رفيع للادب الرسالي و الادب المؤثر و الذي يدفع بالفكر الانساني و العطاء الانساني الى الامام .