البانيشبيسيميست - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

البانيشبيسيميست

حين يصبح التشاؤم أسلوب حياة فلا بد من رادع

  نشر في 27 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

  " يا جماعة اللي مخبي العيد يطلعه  بقي وبلاش هزار ايه الملل ده الحياة بقت كئيبة أوي مفيش فيها حاجة جديدة" هكذا كتبها وليد علي صفحته الشخصية علي الفيسبوك في الساعات الأولي من أول أيام عيد الفطر؛ كعادة أي كائن لزج يعشق تعكير صفو أي شيء وكل شيء بلا مبرر... فقط اللزوجة من أجل اللزوجة ؛ ولكن وليدًا لم يكن وحده من كتب ذلك بل كان هناك  سامر وباسل وشاهندا وعزة وممدوح وغيرهم وكأنهم أبروموا عهدًا مع بعض الأطباء النفسيين لينشروا الاكتئاب بين البشر مقابل عمولةٍ ما.


علي الجانب الأخر يجلس محمود عبد البر أمام حاسوبه يتصفح موقع الفيسبوك ليري أمامه منشور صديقه وليد يملأ الأجواء كأبةً وحزنًا؛ فقرر محمود أن يُخرج صاحبه  من ذلك الملل وبادر مسرعا بمحادثته علي الرسائل الخاصة موجهًا له رسالة واحدة فقط اكتست بطابع بالحزم ( وليد انزل قابلني بعد ساعة علشان نخرج .. هستناك ).


لنأخذ نبذة مختصرة عن محمود إذا؛ محمود عبد البر  .. جراح ماهر بالرغم من صغر سنه الذي لم يتعدَ الثلاثين عاما بعد ؛ لم يتزوج وغالبا لن يتزوج أبدا؛ يمتلك من المال القليلَ ولكن من الذكاء الكثيرَ .... الكثير جدًا؛ لنكمل قصتنا

( أمام منزل وليد )

"متأخر كالعادة" قالها محمود بابتسامة مفادها أن شيئا في شخصية صديقه لن يتغير مهما حدث ؛ دعك من اللوم الأن وقل لي أين سنذهب؟؟ قالها وليد بنبرة مداعبة.


- هل سمعت عن مدينة ( البانيشبيسيميست ) سنذهب إلي هناك لنقضي العيد حتي *يذهب عنك الملل يا صديقي العزيز؟؟

- مدينة ماذا؟؟ لا طبعا لم أسمع عنها من قبل أين توجد تلك المدينة؟

*قريبة جدا وممتعة جدا جدا جدا؛ فقط اتبعني ولن تندم ؛ هيا حتي لا نتأخر.

...........................................................................................................

( في البانيشمبيسيميست )

   *ما هذا المكان الغريب يا محمود وكيف أصلا جئنا إلي هنا؟؟ أنا لا أتذكر أي شيء؟؟

   - لايهم يا عزيزي ؛ المهم أننا هنا.. لندخل المدينة إذا ونبدأ بالاستمتاع وأنا متأكد أنك ستخرج من هنا وأنت في قمة السعادة. قالها محمود ثم طرق بكلتا يديه بطريقة غريبة وإيقاع منتظم  علي البوابة الضخمة وكأنه يكتب كلمة سر الدخول للمدينة.

أصدرت البوابة صريرًا صاخبا حين انفتحت وكأنها لم تُفتح منذ زمن ولكن ما كان وراءها كان مثيرًا للدهشة حقًا؛ فعلي عكس منظر البوابة الخارجية التي توحي إليك حين تراها بأنها ستُدخلك إلي عالم قديم متهالك بدائي كانت المدينة من الداخل جميلة بهية ولكن هناك جهاز عملاق جدا  لم يرَ وليد مثله قَط يحجب رؤية ما وراءه ؛ لكنه ظن للوهلة الأولي أنها مدينة ملاهي وأن ذلك الجهاز هو نوع جديد تم استيراده من الخارج؛ وسرعان ما تدخل محمود قاطعًا شك صديقه باليقين مؤكدًا أنها بالفعل مدينة ملاهي ولكن من نوع خاص جديد فريد من نوعه وأن ذلك الجهاز متعدد الوظائف حيث أنه  يغنيك عن باقي الأجهزة الأخري ويوفر لك كل مميزاتها.

مد محمود يده داخل إحدي الدواليب وأخرج شيئا يشبه الطاقية وطلب من وليد أن يثبته علي رأسه وقبل أنا يسأل وليد بادره قائلا هذا فقط للأمان؛ هيا بنا يا صديقي إن الوقت يمر ولا بد أن تستمتع بهذا الجهاز العجيب؛ لنجرب إذا:


طلب محمود من وليد الجلوس علي احدي مقاعد هذا الجهاز وقام بتثبيته ببعض الأحزمة والأسلاك ؛  ثم سأل صديقه جاهز؟؟؛ "بكل تأكيد" أجاب وليد.

لنبدأ إذا قالها محمود وعلي وجهة ابتسامة لا توحي بالارتياح ثم ضغط عدة أزرار في الجهاز ؛ انتظر وليد ولكن شيئا لم يتحرك ... ما اللعبة إذا؟؟؟ ما الفكرة؟؟ ما هذا يا محمود جئت بي إلي مكان غريب في عالم غريب لكي تريني تلك السخافة ؟ أهذه هي المتعة والبهجة؟؟


هاهاهااهاهاهاهاها هذا جهاز ( البانيشبيسيميست ) يا وليد أو ( عقاب المتشائم )اخترعه مجموعة من العظماء ووضعوه هنا في تلك المدينة النائية خصيصًا لأمثالكم؛ تنشرون التشاؤم والكأبة في كل مكان وفي كل وقت واليوم جاء وقت حصاد ما قدمت أيديكم.

أيدينا !!! لماذا تتكلم بصيغة الجمع ؟؟ لا يوجد هنا غير أنا وأنت!


هاهاها في الحقيقة يا صديقي هذا صحيح؛ فمخترعو هذا الجهاز صمموه للعقاب الفردي لكل متشائم علي حده؛ لكن وجدت أن ذلك بطيئا وغير عادل ولا ناجز فقررت تطوير الجهاز ليجعل العقاب جماعيا؛ بالتأكيد ستسأل كيف ذلك وأنت هنا تتعذب وحدك؟؟ ؛ إليك الاجابة إذا : الحل يكمن في تلك الطاقية المثبتة فوق رأسك؛ أه لو تعلم كم من المجهود بذلت لأخترعها؛ ففكرتها ببساطة أنني أستطيع توصيل اشارات مخك برءوس  الأصدقاء المتشائمين عندي علي الفيسبوك في وصلة واحدة أو بتعبير أدق ( جروب )  فأجعل العذاب الواقع عليك حاليًا يصل إليهم جميعا في أماكنهم دون الاضطرار لجلبهم إلي هنا؛ كان حقًا عليكم أن يصلكم الألم والعذاب بضغة زر كما نشرتم الكأبة والضيق للجميع بضغطة زر؛ فهذا  تراكم عليه الضيق بسبب منشوراتكم فانفجر صارخًا في وجه أمه ( بسببكم ) ؛ وتلك لم تتحمل كل ذلك الضغط النفسي الذي أضفتموه لها فانفعلت علي صديقتها فخسرتها ( بسببكم ) وغيرهم وغيرهم بضغطة زر لا تلقون لها بالًا.

ماذا سيفعل ذلك الجهاز يا محمود؟ محمود تمهل يا صديقي؟؟

لا تقلق يا وليد إن ألية عمل الجهاز تؤثر علي كيمياء جسمك بطريقة ما وبالأخص كيمياء الحالة النفسية والعصبية فتصيبكم بنوبات متبادَلة من الاكتئاب ثم الانهيار والانفجار والصرااخ والكثير من الألااام النفسية التي ستجربونها الأن؛ لنبدأ


محمود انتظر ..... محمود أنا صديقك انتظر لا لا لااااااااااااااااااا.

   

استيقظ وليد مفزوعا ليجد أنه قد غلبه النعاس وهو جالس أمام حاسوبه _إذا كل ما راه ليس إلا حلم مخيف_ نظر أمامه علي الشاشة فوجد منشور  " يا جماعة اللي مخبي العيد يطلعه  بقي وبلاش هزار ايه الملل ده  الحياة بقت كئيبة أوي مفيش فيها حاجة جديدة" ينتظر فقط ضغطه زر " نشر " ليتم نشره علي صفحته الشخصية؛ فانتفض مسرعا وقام بمسح كل ذلك ثم كتب ( عيد سعيد عليكم يا جماعة افرحوا وفرحوا كل اللي حواليكم واملوا الدنيا بهجة وسعادة ).

تمت..






  • 7

   نشر في 27 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
ما اجمل ان ترسم ابتسامة على وجه قارئ في اول الصباح ،دمت متفائلا ،قصة جميلة ومشوقة،بالتوفيق.
0
بسمة منذ 7 سنة
فكرة المقال جميلة ؛ تهدف إلى تصويب النظر نحو الجمال والإيجابيات والتغاضي عن السلبيات بما فيها من تشاؤم وسأم .... موفق .
1
د/أحمد منصور القط
ألف شكر يافندم

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا