كنت اجلس على الرصيف لعمارة رقم ١٠ ، ذلك الرصيف الذى يقطن امام الصيدلية التى اعمل بها ، كان الجو شديد الحرارة لكنى فضلت البقاء عليه من البقاء بداخل الصيدلية ذات التكييفات المتعددة.
كانت الناس تسير من امامى لكنى لا اراهم ، كان عقلى لا ينفك عن التفكير ، ماذا افعل هنا ؟
ماذا اريد ؟
كيف لى ان اتحمل مكان مما لا اطيق ؟
ثم افقت من تفكيرى على صوت اقدام لعميلة تتوجه الى باب الصيدلية ، اقوم من اعلى الرصيف افتح لها الباب تبتسم اغلق الباب من ورائها ثم اتجه الى خلف الكاونتر.
اتفضلى حضرتك محتاجة ايه ؟
من فضلك الدوا اللى ف الصورة ده موجود ؟
كانت يدها تهتز اهتزازا واضحا و كان الدواء الذى بداخل شاشة الهاتف المحمول خاص بمرض الرعاش..
للاسف يا فندم الدوا ناقص جدا !
كانت السيدة تستنجد بى و لكنى لم استطع مساعدتها..
خرجت و خرجت لاجلس على الرصيف مجددا و لكنى كنت اشعر بالعجز ، كيف لمهنة انسانية كالصيدلة ، تصبح هكذا ؟
ان البيزنس اصبح هو المحرك الاساسى لها ، و اصبح المرضى هم الضحايا و اصبحنا نحن معشر الصيادلة عاجزين عن ممارسة الانسانية..
اننى بت افضل الجلوس على رصيف رقم ١٠ ف الجو الحار بدلا من الصيدلية لاسباب عديدة منها ما ذكرته و منها ان الجو العام اصبح سىء ، من المفترض ان بيئة العمل تساعد على الانتاج..
لكنها اصبحت تقتل كل شىء بى..
اصبح العمل اهم من العلاقات بين العاملين ، اصبح الربح اهم من احتياجاتنا و اصبحنا نعمل فى منظومة لا تفقه شىء عن شىء و لكن كل ما تريده هو المبيعات التى لن تتحقق الا اذا حققنا انسانيتنا.
-
على نور الدينإن عالم “الواقع” لا يكفى وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة !