مابها الأيام تضيق وتضيق وكأن الكون لم يسع لها تتسارع دقائقها وثوانيها تحاول أن تزتنزف كل ماهو جميل، أصبح حتى استنشاق الهواء صعب فيها . كيف لقاطنيها أن يتأقلموا للعيش فيها هل لهم طرق وحلول لكيفية التأقلم ؟ هل فهموا حقيقتها هل وجدوا سرها ؟هل عرفوا نهايتها؟ صعبة هي فعلا الأيام .نعيشها في صراع دائم نحاول التعلم وسرعان ما ننسى . نتفاخر بأننا عرفنا سرها ونعيي ذلك وبلحظة نكون تحت التراب لا وجود لنا سوى اسم على قبر وبعض أطياف لذكرى في خيال من رأيناهم ونحن جسدا وروحا فوق الأرض . سواء يذكروننا بفرح وحنين أم بكره وامتعاض وشتان بين الأولى والأخيرة , وكل هذا يعود لما كنا عليه في تلك الأيام عندما كان لنا الخيار حيث كانت تدفعنا أمواج الأيام بتلاطمها ترفعنا الى أسمى المراتب وتدنو بنا الى أسفلها .لكن لايسع لهذه الأمواج أن تخترق قلوبا تستطيع أن تتحكم في حركة الريح والبحر معا حتى وان اخترقتها على القليل ستخفف من حدتها .
اه على تلك الايام مهما كانت جميلة سنجد أنفسنا قد تناسينا شيئا لم ننظر له أو آخر نظرنا له كثيرا لدرجة عميت أبصارنا عن ماهو جميل أو مهم وذا معنى ومغزى وكل ماهو هادف .
فمن العجيب أن نكون قد فوتنا هذا العالم الرائع المحيط بنا والمسخر لنا ونهمله ونحتقر بعض مخلوقاته ...ونلتهي باحصاء أشياء لا تنفع و نقوم بثرثرة نقسوا بها على الاخرين ونقوم بكل ماهو سيء ومؤذي .مع علمنا بأن السيء سيء و المؤذي مؤذي .قد يغفوا ضميرنا أحيانا من تعب ومن ارهاق .لكن علينا ايقاضه يلزم فلنحاول لأن الحياة أصبحت رهيبة ومخيفة ومتسارعة لدرجة امتزج الحق مع الباطل كخليط متجانس يصعب الفصل بين مواده يحتاج ذلك فطنة وحكمة وضميرا و هذا الأخير هو الصمام الآمن الذي ينظم سريان تصرفاتنا .
قد نرأف أحيانا ونقسوا في أحيان اخرى .قد نندم قد نكتئب ..نفرح ..نتألم .ليتنا خاطبنا الأيام لترينا ما نحن عليه . كانت ضحكت علينا فعلا . هي تجري جريان الفلك في البحر. قد تقودنا لا نعرف الى أين لكن نستطيع مجاراة الريح ...ليتنا نعرف المرسى لكن لا قدرة لنا الا على الصبر و الشكر واليقين فالصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله. علينا أن نوقن بأن خالقنا سيغيرنا من حال الى حال و هو أعلم بهذه الأيام . مهما ضاقت ستفرج يا الله مهما ضاقت لا أحد غيرك أدرى بمخلوقاتك .
-
خديجة لينة بغدادييقول الرافعي : ستبقى كل حقيقة من الحقاىق الكبرى كالايمان والحب و الجمال والخير والحق -ستبقى محتاجة في كل عصر الى كتابة جديدة من أذهان جديدة .