اهبطوا مصراً فإن لكم يُوسف الشّريف !
نشر في 26 يونيو 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ربّما كان ممثلاً لم يسطع كثيراً علينا وتحديداً على الدراما المصرية سنة 2012 عندما قدم رقم مجهول والذى لاقى نقداً ، ليس فى تجسيده للدور بل فى مكنون هذا النوع الدرامى والذى غدا غير مالوفاً نسيباً وقتها ؛ فلم يتمحور هذا العمل حول الكينونة الإجتماعية أو الدائرة العائلية ، وكذلك لم نجد البطل يتصبب دموعاً عندما حال القدر بينه وبين حبيبته ! ولم نجد تلك الفتاة الذى تقذف دبلتها فى وجه حبيبها وهى تردد الكليشيه الدرامى " أنت كدّاب وحقير " , وربما كذلك لم نرَ أُنثى تتدعى الإغراء لتفسد عليك ما يداهمك من مراهقة !
كان المود الدرامى الذى يحيط هذا العمل غريباً وتوقع البعض أن يتلاشى فتيلاً بين يوم وليلة ووقتها قِيل ليوسف لأول مرة :
" يوسف أعرض عن هذا "
قدم بعدها يوسف أعمال درامية أُخرى لا تختلف كثيراً عن رقم مجهول مما صنّفه البعض على أنه دراما بإسقاطات سياسية غامضة مثل إسم مؤقت والذى قد اختلف البعض فى تأويل نهايته ولاقى يوسف انتقادات أُخرى ربما أزعمُ أنه كان قد اعتاد عليها .
وحقيقةً قد تصافى الشريف مع كثير من محبيه عندما قدم الصياد عام 2014 والذى اجتمع فيه بكل عبقرية غموض فى حبكته على غرار سينما Alfred Hitchcock و الدراما المؤثرة التى تبرز دائماً مؤديها وتَحدث الكثيرون عن تجسيده لمشهد موت الرائد سيف.
بعد الصياد تيقنتُ أن هذا هو الطريق الذى قرر يوسف أن يسلكه كل عام وأصبحت فى شوق إليه لأنى أعلم جيداً ذكاءه ووعيه الفنى فى انتقاء أعماله السيريالية وأنه لن يدنو عن ذلك . ولم أكن وحدى من يترقب فعلى الرغم من ان الجونرا التى يقدمها يوسف كانت منذ سنوات ليس لها بريقاً إلا أنه استطاع ان يجعل لها جمهوراً قد ملّ ما تقدمه الدراما وقتها.
" يوسف أعرض عن هذا "
استمرّ البعض يوجّه لهُ هذا الكليشيه ، لكن نصفنى الشريف لمرةٍ ثانية وقدم بعدها لعبة إبليس ليحاكى واقع الأعلام فى قصة متعددة الالتواءات والتحولات الدرامية ليتصدر بها هذا العام بصحبة الأسطورة ، وأصبح نجماً جماهيرياً ، مماً جعل النقاد يتساءلون عما سيقدمه فى العام القادم وأنا راهنت على " غودزيلا " يوسف آنذاك ، وحقيقةً لم يأسرنى - كثيراً - فى القيصر لكن لفت إنتباهى ما قد بدا فيه من استعانته بهيئة جسدية وتجسيدية لتلائم الدور .
"يوسف اعرض عن هذا "
عاد يوسف يتلقى ذلك من جديد بعد الإعلان عن كفر دلهاب ، ربما تخوّفت ملياً من دراما الرعب التى يتقدم بها يوسف ، فكان السؤال هل الدراما المصرية على قدر كافى من التقنية لتقدم عملاً رعب فريد من نوعه يليق ب " القيصر " ؟
وتحوّل المسلسل بعد عدةِ حلقات إلى غموض فى كل الخطوط الدرامية لاقى عليها يوسف كثيراً من الشابوهات والإنتقادات فى نفس الوقت ! والتى تتمثل فى جمود الوجه وثبات ريأكشاناته ولعل ذلك صحيحا نوعأً ما بسبب عدم وضوح أبعاد ومعالم شخصية الطبيب ، وأنا لا أستنثنى نفسى فأنا أر أنه عمل لا يخلو من الإخفاقات التى قد تجاوزتها عن نفسى.
وحسبى أن أذكر ليوسف تألقه فى مشهد نهاية كفر دلهاب والذى أعتقد أنه قد تفوق على نفسه ، فأنا حقيقةً لم أر انفعالات مثلما كان فى ذاك المشهد وكان تجسيده للشيطان - حسبما فهمت - متقن الى درجة كبيرة جعلتنى ولو لوهلة أنسى تماماً ماهية هذا الممثل الذى كان يخفى عنى كل تلك الامكانيات التمثيلية.
علمتُ بعد كفر دلهاب أن يوسف مازال يمتلك كثيراً من القدرات التجسيدية التى يعلم جيداً متى يظهرها والتى يستطيع من خلالها ان يكستح الدراما العربية . وأنا أعى اننى ليست ناقداً ولكنى أتحدث بصفتى مشاهداً تقليدياً أقدر الممثل الذى يتألق فى إستخدام أدواته ويُصغى منها معالم للشخصية الدرامية التى يؤديها ، وبرفقة الكاتب عمرو سمير عاطف والذى أراه بصدق أحد أهم دعائم تألق يوسف الشريف فقد شقّ الممثل طريقه فى هذا النوع من الدراما حتى ولو جاء عليه اخوة يوسف !
وسؤالى الأخير عن ولوج الشريف فى دائرة السينما بعد غياب دام سنوات ، هل يملك حقا كاريزمته الخاصة وأفكاره التى تاهله ليكون نجم شباك أول ؟ هل سيظل يقدم للفن العربى وليس المصرى فقط فى السينما مثلما قدم كثيراً دراميا ً؟! هل يقدر أن يرتقى بالدراما والسينما معاً ويجعل متابعيه حرفياً ينفرون من أى عمل فنّى آخر تُخيّم عليه السطحية ؟ يوسف - ربما آجلاً ام عاجلاً - بمقدروه ان يجعل صناعة الساسبنس حِكراً عليه أو على الأقل يرسى ركائز تلك الصناعة فى مصر وعندها بصدق - حباً فى باقى الممثلين الذين لن يجدوا ملاذاً درامياً - فسيكون ردّى عليه :
" يوسف اعرض عن هذا " !