حكمة الصداقة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حكمة الصداقة

  نشر في 17 أكتوبر 2015 .

إن قيمة الحكمة في الاعتبار الثقافي والاجتماعي عالية جدا،لكونها تجسد تجربة حياتية عميقة ومتواترة زمكانيا.وعلى هذا الأساس تجد الناس يحفظون من الأقوال المأثورة والحكم الشيء الكثير،سواء كان محفوظهم سديدا أو مغلوطا،فهم مع ذلك يرددونه في المناسبات المستدعية له من أجل البرهنة والاستدلال على صحة ما يذهبون إلى طرحه من أفكار،وقضايا خلال المناقشات المختلفة،والمواضيع اليومية مثل موضوع الصداقة وما يرتبط بها من قواعد ضابطة لوجودها في الواقع الإنساني،وكذا الأهداف المتوخاة منها،إلى جانب طرق اكتسابها والمحافظة عليها.

وقد ترددت في سياق الصداقة عدة مقولات يعتقد أصحابها أنها من باب الحكمة،والصواب بحيث يقولون مثلا:"انتهت المصلحة فاختفى الأصدقاء " أو قولهم :"لا تفتخر إذا كان لديك أصدقاء بقدر عدد شعرك لأنك ستجد نفسك أصلع حين تحتاجهم "فهاتان المقولتان وغيرهما من العبارات المنمقة حول الصداقة تتضمنان جانبا من الصحة والواقعية،ففي الكثير من الأحيان تنشأ علاقة الأصدقاء على أرضية بريئة خالصة تبنيها عوامل التفاهم،والانسجام والتكامل والتجاوب الفكري والروحي،لكنها سرعان ما تتعرض للتلاشي،والانهيار بفعل المصالح الذاتية،والحساسيات الفردية ومواقف الاستغلال، والمبالغة في الطلب دون إبداء التضحية المتبادلة واحترام مشاعر الآخر.

لكن حكمة الصداقة الحقيقية تدعو إلى اختيار الصديق المناسب،انطلاقا من مواصفات معينة اجتماعية وفكرية وأخلاقية لا تصل إلى حدود المطلق أوالكمال،لأن الإنسان مهما صلحت أخلاقه،وأفكاره وطريقة تواصله،فإنه يبقى معرضا لنقص التفكير،واختلال التفاعل،واقتراف الدنايا وإن قلت.

لذا تحتم الضرورة قبول الشخص الذي استحق أن يكون صديقا على علاته وهفواته اليومية،فليس هناك الصديق المثالي المتصرف بأسلوب معصوم من الخطإ والأنانية والميل إلى الاستفادة الشخصية.فمن يقول بأن الأصدقاء يحضرون في الرخاء،ولا يفكرون إلا في مصالحهم،يبدو أنه يكلف الصداقة أكثر مما تطيقه،ويريدها أن ترقى إلى مستوى الكمال الطوباوي الأفلاطوني.

في حين أن النظرة الواقعية والموضوعية للصداقة الحقيقية تقوم أساسا على التضحية من أجل الأصدقاء،ومساعدتهم والاعتراف بقيمتهم،وعدم تزكية النفس والاعتداد بها في مقابل تصغيرهم والاستخفاف بسلوكهم.

فكيف يسمح الصديق لنفسه بأن يحكم على أحد أصدقائه بأنه لا يستحق صداقته،في حين لا يقبل هو من غيره أن ينعته بالعجز عن استحقاق وصف الصديق؟فإذا كنت ترى في أصدقائك بعض العيوب،فإنهم بدورهم تصدمهم مساوئك وتصرفاتك القبيحة،ولكنهم يغضون عنها النظر،ويرضون عنك كما أنت بدافع الصداقة،والإيمان بأنك إنسان ولست ملاكا في آخر المطاف.

وكما قال الشاعر:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً ☆☆☆ أخاك فلن تلقى الذي تعاتبه


  • 3

   نشر في 17 أكتوبر 2015 .

التعليقات

جميل ما خطت يدك عن الصداقة ! شكرا على المقال أستاذ
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا