قليــلاً من التــأمل لــن يضــر .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قليــلاً من التــأمل لــن يضــر ..

عبر صفحات الحياة احرص على تقليبها بتدبر لما تراه وتقرأه بها , فكن على دراية تامة أن الصفحة المُنقلبة لن تستطيع استراجعها مرة أخرى , فكن حريصاً على فهمها وتأملها جيداً ..

  نشر في 10 ماي 2018 .

ليل حالك السواد , نجومه لم تكتفي بفرض سيطرتها على سماءه الصافية كالنهر العذب , بل وجدت أن واجبها يُحتم عليها أن تفيض عليك من نورها حتى وإن كان بسيط لدرجة عدم وصوله لك ! , وجدت تلك النجوم أن تلك السماء هي مأواها الوحيد وملجأها الأول والأخير .. 

وضح النهار وشمسه الحارقة لم تكتفي بفرض قيود خيوطها الحرارية على البشرية فتذيب الجليد وتمد النبات بطاقته الغذائية وتضرب رؤوس المارة بضرباتها القوية وتعجز أنت عن الفرار من حرارتها تلك غريبة الكيفية والعمل ..

سواءاً مررت بأول حالة التي تبعث في نفسك الراحة والصفاء أو الثانية التي تبعث في نفسك الإختلال وتخفض ضغطك لدقائق , لا يهم , فقد تمر بهما لا محالة خلال لحظات حياتك , ولكن هل نظرت مرة إلى ذلك القمر المضئ في سماء الليل الجامع حوله اصدقاؤه النجوم في سهرة ساهرة حتى شروق صديقته الأخرى شمس الصباح ؟ , هل تمعنت النظر به واطلت نظرتك تلك لتحاول إيجاد إجابات على تساؤلات لطالما دارت في ذهنك بين الحين والآخر عنه وعن أساس وجوده ولما اختار تلك الوظيفة بالذات دوناً عن غيرها , لما اختار أن يضئ ليلك كل ليلة في نفس الموعد وبعث تلك الراحة والطمأنينة بنفسك بدلاً من أن يجلس وحيداً بين سحب السماء الكثيفة ويكتفي بهذا الضوء لنفسه هو فقط ؟ , لما هو كريم لهذه الدرجة الكبيرة لدرجة أنه لم يبالي أن ضوءه ستسلبه أنت منه وهو الأولى به ؟ , هو وحده في سماء ليلتكم ولا يحيط به إلا السواد , السواد فقط ولا يؤنسه إلا تلك الومضات الصغيرة السماه بالنجوم وغيرها من قاطني تلك السماء التي تشبة أزرار قميصك القاتم !! , أما أنت فحولك الكثيرين , حولك رفقتك وأسرتك وحيوانك الأليف , تلفاز لم ينطقئ حتى وإن لم تجد فيه المميز , إنترنت وواتس آب ونوتيفكيشن لا تتوقف , فلما لا تترك له ضياءه القليل ليستمتع هو به ويؤنس بها وحدته الوحيدة ؟! ..

ولكن .. ولك أن تتخيل أنه قد أعطاك ضيائه بنفس راضية متسامحة ! , كم هو كرم زائد منه حقاً !! , تأمل تلك الحالة من كرم الطبيعة حولك ستجد الكثير لتتأمله وتتسائل بشأنه ..

وتلك الشمس المُنيرة لك وللكون كله , هل وجدت كرمها الزائد شيئاً منبوذاً كونها تذيب رأسك من حرارتها العالية ؟ , حقاً إنه كرم زائد منها لدرجة عدم التحمل بعض الأوقات ولكن انظر لها بمنظور مختلف قليلاً , إن لم تكن على هذا القدر من الكرم فكيف للبشرية أن تحيا لحظة ؟! , إن أحتياجنا لها أكبر من أحتياجها لنا , هي لم تطلب منا أن نُصبح رفقتها في الساعات التي تُقضيها بسماء الحياة , هي فقط ارادت أن تشعر بالدفء , ذلك الدفء الذي تجعلنا نشعر به طيلة ساعات إستضافتنا لها , حتى وإن رأتنا من الأعلى ننظر لها ونطلب منها الرحيل بعيداً عن رؤسنا التي قد تفحمت من شدة كرمها !!  , مع القليل من العبارات التي تبعث في نفسها الضيق من رد فعلنا نحو كرمها الغير مُنتظر لمقابل له .. فلتكن لطيفاً قليلاً معها , فخدمات الطبيعة مُقدمة لك مجاناً عزيزي الإنسان ولم ولن تنتظر منك مقابلاً سوى : قليل من التأمل بشأنها ..

في يوم ربيعي ناسم أو شتائي قارس , في وضح النهار القاسي أو في ليل حالك السواد , أمام أمواج البحر العاتية المضطربة أو في رقعة خضراء ممتدة إلى حيث لا يصل بصرك لمنتهاها , في صحراء ذهبية الرمال والحشرات المُميتة أو في أرض على وشك تفتح زهورها الخلابة .. اجلس قليلاً , لا تتسرع وتذهب بعيداً , انتظر قليلاً ثمة لحظات يجب أن تُعطيها حقها على أكمل وجة وأفضل تقدير لها , كما يجب أن تُقدر , فهي الأخرى كريمة مثل كرم الطبيعة حولك , لحظات ستتكرم وتفيض على عقلك بالوعي والإدراك وتدفع نفسك إلى الجمال والحيوية , لحظات مثلها كمثل ضياء القمر الممنوح بلا مقابل ونور الشمس وحرارتها الممنوحة بلا بخل , فيضان من الكرم , وفيضان من التأمل نتيجة له ..

خلال كتابة تلك الكلمات أتسائل ..

ما هو الأكثر كرماً في طبيعتنا الخلابة ؟ , ولا يصل عقلي المُتواضع لإجابة وإن كانت بسيطة حتى !! , حقاً إن تأملت قليلاً ستجد أن التأمل سيدفعك لمزيد من التدبر والتساؤل ومن ثم لمزيد من الوعي وتفتح العقل والقلب لكل ما يجذب الفكر والجمال , وإن وجدتها مهمة صعبة , فسل نفسك مرة أخيرة : هل هذه الصعوبة تكمن في عدم إحتمالي لقليل من الهدوء والإنفصال عن صخب الحياة والإحتماء بقليل من الصمت الذي يتحدث بصخب داخلك في محاولة لفك شفرات عدة أساسها هي الحياة ؟ , أم أني لا أهوى هذا من الأساس ؟ , هل ستعود لما كنت تفعله منذ قليل وتتابع أخبار المشاهير أو كرة القدم أو تقلب في قنوات عدة وتظل سارحاً في إعلاناته وبالرغم من أن هذا " السرحان " قد يُوظف في مكان أفضل بكثير ذو قيمة ونتيجة ساحرة , وتستغرق دقائق وليست ساعات كما تفعل إعلانات التلفاز , غريبة , الحل بين يدك الآن , فلتتأمل قليلاً , ففي هذا التأمل ستجد إجابات عدة لما قد راودك يوماً ما وما لم يراودك من الأساس ستجد إجابته أيضاً ..


  • 2

   نشر في 10 ماي 2018 .

التعليقات

فلتتأمل قليلاً....
صدقتى نورا.. بالتأمل في ماضيا نستدرج ما فاتنا فيه لنفعله في يومنا الحاضر ... وبالأمل .... ومن خلاله ....نطمح أن نفعل ما نرجوه لمستقبلانا ....
1
نورا محمد
بالظبط , تأملك اليوم هو أساس بناء مستقبلك وخُلاصة لحظات ماضيك , فتستخلص منها ما تراه يُفيدك حاضراً وما يجعل شمس مستقبلك تشرق , وأكثر أنواع التأمل فيضاناً على العقل بالوعي والإدراك هو التأمل فيما حولنا من طبيعة كونية رائعة , جعلها الله لنا لنفتح نوافذ عقولنا فنرتقي وترتقي أفكارنا ومن ثم نرتقي نحن البشر بمعاني الإنسانية .. شرفني تعليقك جداً ودايما تعليقاتك تُنير مقالاتي المُتواضعة بفكرك الراقي , تحياتي :)
ابراهيم محروس
وتلك هي الإضافات التى تضيف لنا ولغيرنا .....
فالمرء لا يكمل الا بغيره وممن حوله من الاشخاص فنرتقي ....وترتقي أفكارنا معنا
متألقة ومبدعة دوما نورا ......
نورا محمد
ودمت صاحب فكر مميز ومبدع يا استاذي المختلف :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا