هل فكرتَ يومًا كيف انتشى ترابُ قبر خديجة براية المُسلمين التي نصبها الرسول عليه يوم الفتح ؟ ويكأنه يقول "يا خديجة .. ها قد عدنا , للأرض التي طردتنا و عذّبتنا و عذّبت أصحابنا .. يا خديجة إن عجزتِ أنْ تُكحلي عينيكِ بالنصر فاروٍ رفاتك بهذه الرايه ويومئذٍ تحتها عشرة آلاف مسلم.. 
لا أنسى يا خديجة يوم لم يكن للمسلمين راية ولم يكن يؤمن بي سواكِ .. طبتْ أينما كُنتِ " 

أنا أيضًا لم أكن أفكر في هذا .. لولا شيخي النابلسي و بعضُ الغيثِ الذي نزل على أرضي فأحياها فجعلتُ من يومها أتأمل حال الإحياء بعد الموات ..
الغيث الذي -والله يشهدُ- ما طلبته ولكنْ الله أنزله على أرضي بحكمته ولشيء يعلمه ويصنعه ..
نزل فاهتزّت وربت .. وأزهرت ! .. ولو أوكلني الله إلى نفسي لكنتُ كغيري !
لو أنّ هذه الأرض لا تذبل .. لما أدركت قيمة زهورها ولما عرفت فضل غيثها عليها !
وذاك الغيث لو لم ينزل على أرض "صالحة " لما نفع .. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ..
كُنت هامدة ! نعم 

ولو فضل الله عليّ لما أنبتّ .. :)

وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ  ...
هامدة! .. يالله !.. هذا اللفظ لا يدرك مدى قدرته على الوصف إلا من وصل لتلك المرحلة من التعب والإرهاق واليأس ! 

نظرةٌ إلى شجر الشتاء ..خشب, حطب .. هامدة ! 
ونظرةٌ إلى ذات الشجر في الربيع .. عروس ، من أين جاءها الزهر ؟ .. من أين جاءها كلُّ زوجٍ بهيج ؟
من "الماء" !

كبرعمٍ مسه الريح فانفتح :")

ولكنْ أيُّ ماء؟ ماءُ الله الحق .. "ذلك بأن الله هو الحق"  .. معنى أن الله سبحانه وتعالى هو الحق، أي أن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، بينما ما سواه من المخلوقات فممكن الوجود، أيّ شيءٍ غير الله سبحانه وتعالى يمكن أن يوجد، ويمكن ألا يوجد، هذا من جهة، ومن جهةٍ ثانية فوجود الأشياء ليس بذاتها، بل بقدرة الله..
وجودنا والعدم سواء ! طالما كنا "هامدين ".. طالما لم نرتوِ بماء الله  !

الفرق بين المؤمن بعد أن يعرف الله عز وجل ، وعن وضعه السابق قبل أن يعرف الله ، كهذه الشجرة الحطبة ، ثم كيف أصبحت نضرة ، متألقة ، مزدهرة، مورقة ، مثمرة. .. بمعرفة الله ووصله

فمن عرف كلّ شيء ولم يعرف الله فكأنه لم يعرف شيئًا