في الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال وأنت تحتسي قهوة إلى جواره ،يتوسد آخرون أحزانهم فمنهم السقيم ومنهم الفقير ومنهم المحمل بالآلام الجسدية أو النفسية ،الكثير متعبون .
اليوم كنت أتأمل في أوجاع البشر ،أتطلع إلى الفقير وإلى الخارج من داره غداةً يرجو أن يعود بحفنة نقود يطعم به صغاره ،إلى المرأة التي تحمل صغيرها المريض هلعةٍ عليه وقلبها ينفطر ،أتأمل وأقولك سبحانك يا من وهبت الأوجاع والأكدار للبشر رحمة بهم لا عذابا وقسوة .
آلاء كثيرة تزاحمنا في كل هنة وحركة ،نتقلب في النعيم صباح مساء دون أن ندرك فرط النعم التي قد منحنا الله إياها ونجيب بضيق أو حتى بتعود على من يسألنا كيف حالك قائلين "اهو الحمد لله ماشية".
لقد تناول كثيرون موضوع السعادة والرضا وكيف للمرء أن يصل بزورقه إلى شاطئ السعادة وكلمات وكتب وتسجيلات ووو بينما يكفي أن تتأمل حال من هم دونك ،من همومهم أكبر من همك هم أنك تريد جوالا جديدا أو شجارٌ سخيف مع عائلتك أو طفلك الصغير الذي لا تنتهي طلباته ،مع أننا إن أمعنا النظر سنجد أن كل هذا من النعم لا النقم ،فالصبر على الشيء وانتظاره والمكابدة للحصول عليه هو ما يمنحنا السعادة حال حصولنا عليها والشجارات تشعرنا بقيمة وجود الآخرين في حياتنا فهم يتحملوننا وثمة من يتمنى أبا أو أخا أو قريبا يتشاجر معه فهو يقبع بمفرده حال ضيقه أو حزنه قد يتشاجر مع ذاته ويحادث نفسه .
طفلك الذي يسبب لك الصداع ببكائه ،كثيرون يتمنون طفلا مثله يملأ الحياة ضجيجا وصخبا من حولهم والبعض رزق بطفل أبكم ،لو خُير لاختار من يثير حوله الضجيج والبكاء حتى وإن سبب له الصداع .
تطلع حولك أمعن النظر في آلام غيرك ،امنحهم الدفء والسكينة وحين تعود قافلا إلى بيتك ردد الحمد لله ،الــ حــ مــ دـ لله
الآن ،تطلع إلى كل الأشياء المحيطة بك احتسي القهوة بامتنان وشكر لله أن وهبك القدرة على التذوق،احتضن أطفالك الصغار بوُدِ وتطلع إلى الأعلى بقلب حامد ممتنن للإله ،حتى القمامة التي تمر عليها متأذيا منها تطلع عليها واستشعر السعادة والامتنان فكثيرون يتقممون منها بينما أنت لا تتطيق رائحتها.
ياالله لك الحمد نتقلب في النعيم غير مستشعرين فيض عطائك وجودك علينا ،لك الحمد ألف .
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...