هَـانـت الهِـمة .. فَضاعت الأُمـة
عندما تُدرك أنك ما خُلقتَ عَبثا و ان وجودك على هذه الأرض ليس مجازيآ و ان بك أيها الانسان تسترد الأمـة عافيتها ستعلم ونعلم أنك أنت (الخليفة الحق) الذي يُـعَول عليه النهوض و الأخذ بمعالي الأمـور حيثُ الهــمة السامية فقل لي : ما همتك ؟ أقل لكَ : مَن أنت، وماذا ستكون.
نشر في 16 مارس 2015 .
أحد رجالات هذه الأمة يصحو بعد صحوة الشمس بساعات, وقذى النوم يملأ عينيه بل في الحقيقة يملؤه كله، يتصل بصاحبه ليلتقيا -كالعادة- في المقهى ومع ايقاعات طاولة ( الدومينو ) والتسابق للفوز بسَكرة اللعبة، مع رشفات الشاي الصباحي يحدث الحديث البائس من ألفه الى يائهِ عن أزمات الأمة،ومشكلات المدينة، وشكوى الواقع المزري، والبطالة الطافحة، والأوضاع السياسية والاقتصادية و...
المشهد ليس جديدا وقد اعتدنا عليه في مجتمعنا الشرقي، نذوق علقم الموت مع كل نكسة ثم نتبجل بالرثاء على أنفسنا !
لااختلاف ان الواقع مؤلم ومدعاة لدى الكثيرين للتسخط و التَشكي ولكن، ما جدوى كلام المقاهي والمجالس؟
ماذا لو تحولت هذه الظاهرة العقيم الى نقاش عمل مثمر يصلح –على الأقل- شيئا من الواقع؟
لعل الاصابة بالشلل والتباطؤ عن المبادرة, والهروب من تقصيرالذات أمراض تشربت النفوس واعترت بعض شباب الأمـة، بيدَ ان علينا أن نعترف ونفخر بوجود نخبة من الرجال وشقائقهم من نساء الأمة أخرجوا أنفسهم من دائرة العَوق الفكري والجسدي الى دوحة التخطيط والانجاز ومن ضيق الهمم وانعدام الرؤية الى سعة المطالب ووضع الاهداف، فهم الناظرون الى الأمة بعين التغييرلا التنظير المخدر، الواثبون للعمل بالنفوذ الشخصي و الطموحات الممكنة.
لاشك ان من يحكم على الشيء بالاستحالة، والخراب المزمن، سيرى بعينٍ قاصرة ان لا حل، ولا محصلة من أي عمل؛ لأنه ثبط نفسه أو بالأحرى اعتاد السبات البهيمي والركود الضحل، ولمس الأزرار في " عصر السرعة " واستهواء النتائج العاجلة. الأنجاز قد يكون –في بيئتنا- صعبآ لكنه ليس مستحيلا، فهو حتمي بأيدي اصحاب التفكير المناقض للحكم الأول، أنا أتكلم عن أُناس سمت عندهم الهمة، فراحوا يزيدون من الرصيد العالمي للأمة.
فالأمـة بحاجة الى سواعد عاملة، ولن تستطيع البدء بالسقف ان لم تضع اللبنات على الأسس و تبدأ بـ لبنة لبنة، منظومة منظومة، مؤسسة مؤسسة على كافة الأصعدة ( التعليمية، الدعوية، السياسية, الاقتصادية، الاجتماعية ... )، شبعنا حد التخمة من تباكي وسائل الاعلام وتفيهق حناجر بعض خطباء المنابر باللعنات، وطوابير استنكار رعاة الأوطان! من أي عمل يحسب للأمة أوعليها ما دام أنه يزعج الدول الصديقة!! كل ذلك لن يقدم ربع رغيف يقوى به جسد الأمـة.
أنرضى بهذا التداعي والوهـن؟
اللهم لا...!
عندما تدرك سبب وجودك كـ( خليفة ) لك واجبات يجب تأديتها ووظائف تُلزمك ممارستها، ستدرك بعين العقل أنك خُلقت للاستعمال لا الاستهلاك والبذخ .فالعاقل لا يُمني نفسه بالأحلام الوردية وهو في خضم التبلد ولا المعجزات الخارقة وهو ساكنٌ على ساكن، لايشغل الا حَيّزا مكانيا ولايُعد الا رقما حسابيآ يضاف الى مجموع الأمة!.
وستعلم حجم التغييرات التي طرأت على الأمة و غيرت الأفهام و شوبت الافكار،والمساعي التي لغمت طرق النجاح لتشير لنا أن : قِروا في بيوتكم.
لفقه هذه المرحلة متطلبات، تكمن في مدى نهضة الانسان ودرجة وعيه، وشعوره بالمسؤوليه, وتشخيص مواطن الضعف والقوة لديه.للعودة الى حقيقته والعمل في افق التحكم والنفوذ الشخصي والسعي الى اقامة المشاريع الصغيرة كجزء من الحل و كخطوة أولى للرقي والتقدم وكما قيل : ( المشاريع الواقعية الصغيرة خير من الشعارات الكبيرة الخيالية ). يختار كل خليفة مشروعه الخاص ويضع أهدافه نصب عينه، ويسعى للانجاز بأي شكل من الاشكال، كلٌ يجتهد في موضع انتاجه متجاهلا أبواق اليأس وشعارات البؤس القاتمة وكأن الأمة تطوي صفحاتها الأخيرة!!
ولابُد لنا ان نفقه قول الدكتور عبد الكريم بكار : ( من المهم أن ندرك أن كل موقع يحتله الواحد منّا هو ثغرة من ثغور الاسلام. ومن خلال نوعية تصرفنا و أدائنا في ذلك الموقع، نسهم في رفع راية الاسلام وحماية حرماته، او نُسهم في ذهاب ريح الأمة وجعلها عالة على غيرها من الأمم. )
أنت من تحدد مكانة الأمـة وتضعها في وجه الصدارة هذه الأحقية التي يرومها كل حر لوطنه و يكافح لأجلها كل نبيل لاسترداد مجده.