التنمية البشرية وتطوير الذات ببساطة (Human development and self-development)؛ اشتهرت أدبيات التنمية البشرية في المنطقة العربية في الفترات الأخيرة لأسباب مختلفة.

وهي تعتبر مزيج مهارات من علم الإدارة وعلم النفس (وفي النسخة الإسلامية منها) يضاف ليها معلومات دينية.

والحقيقة إنه التنمية البشرية وتطوير الذات مصطلحين مختلفين ظهروا تقريبا مع بعض وبيخدِّموا على بعض، وبينهم اشتراكات كتير (لأنهم من نفس المصدر).

فمهم نعرف امتى بدأت وفين؟، والفلسفة أو المبادئ القائمة عليها.

معنى التنمية البشرية

لعدم الخلط مبدأياََ، مصطلح التنمية البشرية يستخدمه الاقتصاديون للدلالة على معنى مغاير للمقصود هنا.

بمعنى تحقيق العيش الكريم لمختلف البشر من خلال نشر الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ده طبعا مش المقصود لينا هنا.

المقصود هو المعنى المرتبط بتنمية الذات، وعرفه استاذ ابراهيم الفقي(هيأتي الكلام عنه) بإنها "من أهم الوسائل التي تهدف إلى توسيع وعي الفرد واكتسابه قدرات ومهارات جديدة.

كما يعد الهدف الأساسي للتنمية البشرية هو تطوير واكتشاف مهارات أكثر لتحسين الحياة للأفضل".

مهم جدا نستحضر الهدف ده في ذهننا باستمرار "اكتساب مهارات وقدرات جديدة - تحسين الحياة للأفضل"لأنه هيرتبط معانا واحنا بنتكلم عن مبادئ التنمية البشرية وتطوير الذات.

معنى تطوير الذات

عرف الأستاذ ابراهيم الفقي تطوير الذات بأنه نهج محدد يتبناه الإنسان في حياته ويتبع قواعده الخاصة، وينتج عنه مجموعة نتائج تجعله يشعر بالرضا والثقة بالنفس.

كما يعرف بالشعور بالسلام والقوة الداخلية التي تدفع صاحبها لتحقيق ما يطمح إليه.

أيضا مهم يكون حاضر في ذهننا هذه المعاني لأنها هتساعدنا في كلامنا اللي جاي عن المبادئ والفلسفة المتعلقة بيها.

بداية ظهورها

ارتبط ظهور التنمية البشرية وتطوير الذات بمبادئ علم الإدارة الأمريكية، واللي بتركز على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لأي مؤسسة لتحقيق أفضل النتائج.

وبالتالي انتشرت ثقافة الإدارة دي بين الأفراد أنفسهم، بحيث يركز كل فرد على أقصى انتاجية في يومه، فيرضى عن نفسه أو لا يرضى.

طبعا هذه الرؤية للحياة (الرؤية الإنتاجية الحياتية) مهم جدا نستحضرها في ذهننا هي كمان لاستخدامها في المقارنة بينها وبين رؤية الإسلام للحياة.

أشهر رواد التنمية البشرية في العالم العربي

انتشرت أدبيات التنمية البشرية وتطوير الذات في العالم العربي بقوة في آخر 30 سنة، نتيجة لانتشار وسائل الإعلام والانترنت، وظهر تقريبا في كل البلدان شخص أو أكثر لهذا التوجه؛ ففي بلدان زي

مصر - ظهر الأستاذ إبراهيم الفقي على رأس المهتمين بهذا المجال، وانتشرت محاضراته وتسجيلاته بقوة، ومن الإسلاميين كان الداعية عمرو خالد

الكويت - ظهر الداعية طارق السويدان، وكانت محاضراته ملء السمع والبصر

السعودية - سلطان العصيمي

وفي جميع البلدان العربية بل حتى المسلمة عموما(مثل ماليزيا)، ظهر هذا النمط.

هل التنمية البشرية وتطوير الذات علم؟

من أشهر العلامات لمعرفة أي علم هل هو علم ولا لأ، هو وجود قسم في كلية يدرس هذا العلم، ولا يوجد أي قسم يحمل هذا الاسم في الكليات والجامعات.

ولكن أحيانا بعض مباحث التنمية البشرية مثل التفكير الإبداعي وإدارة الوقت تدرس في علوم أخرى معتبرة زي علم النفس والإدارة وغيرها من العلوم.

إذا السؤال المنطقي هل يمكن الإستفادة منها؟

في الحقيقة زي ما قولنا إنه بعض القضايا داخل التنمية البشرية هي تتبع علوم تانية معتبرة زي علم النفس.

وهذه العلوم فيها إفادة أقوى وأشمل لجوانب تنمية الشخصية والقدرات والمهارات على أسس علمية صحيحة.

بخلاف الكلام العام الموجود في التنمية البشرية.

لماذا نطور من ذاتنا؟

يختلف الناس في الأسباب، منهم مهتم بتطوير ذاته في مهاراته الوظيفية العملية، ومنهم مهتم بتطوير ذاته في جانب العلاقات الاجتماعية، و إزاي يقدر يتعامل معاهم بشكل مناسب.

منهم اللي شايف أفضل شئ هو التطوير المنتج للمال.

في الحقيقة كل التصورات اللي ذكرتها دي متأثرة بشكل أو بآخر بفكرة الانتاجية اللي اتكلمنا عنها فوق، وهي إنه لازم يومي يكون فيه أي إنجاز يخليني راضي عن نفسي.

ده هيودينا لسؤال أساسي ومهم وهو يعني إيه"تطوير الذات"؟.

مفهوم آخر عن تطوير الذات

نستخلص من مفهوم تطوير الذات اللي ذكرناه فوق مبادئ مهمة وهي:

التركيز على زيادة الإنتاجية للفرد بشكل يومي بحيث لو ماحصلش كده مش هيكون راضي عن نفسه.

تطوير مهارات باستمرار لتحسين حياة الفرد للأفضل، ومعنى تحسين حياته يعني زيادة الثراء الشخصي ومهاراته في العمل.

التركيز على نفسي في تنمية مهاراتها

طيب إزاي ده مفهوم مختلف عن الإسلام؟

مهم تاخد بالك إني بقول مختلف مش مضاد للإسلام، لأنه الثراء المادي مثلا شئ مباح.

مبادئ الإسلام كالتالي:

الاهتمام بالآخرة في المقام الأول بحيث لو فاتك شئ من الدنيا ده لا يسبب حزن ليك

إنه التحقق الذاتي مش بالثراء المادي والوظائف (ده أمر مباح زي ما وضحت)، لكن بعبادة الله

مفهوم العبادة يشمل مساعدة الناس ونشر المعروف بينهم، (مش التركيز فقط على الذات)

إذا السؤال: هل الثراء معارض للتدين الشخصي؟

زي ما وضحت فكرة الغنى الشخصي شئ مباح، لكن تقديم الإسلام على إنه هو التحقق المادي والثراء الشخصي وزيادة انتاجيتك في العمل، هو ده مقصود التنمية البشرية وتطوير الذات وليس الإسلام.

فمقصود الإسلام هو الآخرة لا الدنيا، ومحاولة جعل الإسلام يعني أن يكون هدفي زيادة الثروة الشخصية والتركيز على زيادة انتاجيتي بدعوى الاجتهاد واتقان العمل وغيره من الديباجات الإسلامية ده اللي مخالف للإسلام ورؤيته ومبادئه.

لاحظ الظاهرة دي استاذ علم الاجتماع الديني باتريك هايني في كتابه إسلام السوق

من هو باتريك هايني والدعاة الجدد

نشر باتريك هايني كتابه عام 2005 باسم "اسلام السوق" (الترجمة العربية)، ورصد فيه ظاهرة الدعاة الجدد، ومدى انتشارها في الأقطار الإسلامية.

وقال إنها متأثرة في نمط تدينها بالرأسمالية، زي ما البروتوستانتية اتأثرت وأثرت فيها قبل كده.

طب إزاي اتأثرت بالرأسمالية؟

ببساطة من مبادئ الرأسمالية

الفردية: بمعنى التركيز على التفوق الشخصي والحريات الشخصية

الاستهلاكية: بمعنى طغيان فكرة القيمة للأشياء، ف ماهو غالي الثمن هو أفضل دائما

الثروة هي الأهم وذات القيمة

و إزاي تأثر خطاب الدعاة الجدد بالرأسمالية؟

أن تصبح الثروة الشخصية وتحقيقها هي المعبرة عن الإسلام الحقيقي، ده كان قاله نصاََ عمرو خالد في حلقة من برامجه.

خضوع مفاهيم اسلامية زي الحجاب مثلا لنمط استهلاكي وهو البراندات (العلامات التجارية).

أن يكون التنمية الذاتيه من مهارات ومعارف عملية هي المسلم الحق، و ده تأثراََ بالنزعة الفردية للرأسمالية.

في النهاية مهم جداََ عدم خلط الأوراق ومعرفة الإسلام على طبيعته، وعدم استخدام آياته وتفسيرها بطريقة تواكب الثقافة السائدة حاليا، وهي الثقافة الرأسمالية ومبادئ الليبرالية.

والطريقة الوحيدة لمعرفة ده هي القراءة والتعلم.