سيُوفى و لن يُنسى
يحيطون بنا،متجذرون منهم، بهم نزداد علوا وعليهم نتعالى، ينادوننا ولا يسئمون، نتجاهلهم ونحن تائهون.
نشر في 17 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لم يستثنى يوم أحد من هاته العاصفة التي أحاطت نفسه حِينا وكبلته بين يديها، جاعلة منه أسيرها لا مُباعِد، وعندما يحاول الخروج منها تزداد إصرارا في عذابه.
إنه ذلك الشعور، شعور اللاإنتماء، شعور بالبعد، بالوحدة، بالنقص؛ هو واحد في عدة أشكال كُلُّه يجعلك تبحث عن آخر تلتمس منه شفائك.
غالبا ما نذهب لأشخاص لم نألفهم ولم نعلمهم يوما، نلتمس منهم ذلك، فقط صادفناهم في الروضة أو عند حانوت القرية أو في نزهة، أشخاص لا تربطنا بهم إلا أحاديث متوغلة، بدأنا نلقاهم يوما بيوم وكل لقاء زدنا يقينا أننا منهم و أنهم منا، يشاركوننا نفس الاهتمامات وغير الإحداثيات، نقص عليهم يوما بيوم ما أردنا عن أنفسنا و يقصون أكثر و نزداد بهم تعلقا فنبقى نظهر كل تقاسيمنا أمامهم بلا خجل وقد يفعلون المثل وقد يغدو العكس هو الحل.
بعد ذلك وفي زمن التكنولوجيا، يغدون معنا في أي وقت وحين، ونحن في قالب الأسرة لازلنا نتشتت بهم ومعهم غير آبهين بمن هم في دوائرنا قبلا. من هم أوجدونا و تواجدوا فعلا، من نحن ومعهم كبرنا، من أذاقونا طعم البسمة الأولى و شذرات الأخوة الأسمى.
يمكن النظر إليه كنكران جميل و نسيان عرفان ليس بالقليل، حيث نتوه وسط الغريب الذي وصل توا بعدما استنزفنهم وما فيهم.
أليس بالشيء المشين؟ أن تترك من أفنا عليك دهرا وعمرا و شيبا وحياة بشخص لا تربطك معه إلا ألف كلمة وهمسة ووعود في غربة؟ من هم يصلونك بألف حبة دم و نسب وسقف وغرفة بمن لا يعلم عنك إلا أمس؟ أليس غريبا حتى وغير متقبل البتة؟ و لكن يدعو لتفكر ولو لربع سويعة.
الأمر ليس دعوة لصد الأبواب والبعد عن كل آخر غير معتاد، إنما دعوة لإعطاء لكل ذي حق حقا دون إفراط ولا تقصير.