كم نحن مساكين أيها البشر، نتصارع خلف شئ ملعون، يأكل القوي منّا الضعيف، نحارب من أجل مال فإني وأرض زائلة، هشيمًا تذروه الرياح، والدليل أني أدعوك لزيارة سريعة لللمقابر لتعلم ما نقوله فعند دخولك قل السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية.
بعد السلام لا بد أن تعترف بأنك بهم لاحق وبجوارهم فى التراب نازل وعلى أعمالك كلها محاسب، فانظر على يمينك ويسارك وانظر إلى من كان يحمل مناصب الدنيا من رئيس ووزير ودكتور وغيرهم، هذا الذي كان يسكن القصور وذلك الذي يركب المرسيدس وهذا الذي مبتور القدمين وهذا وهذا، وهنا فقط يعلوا أصحاب الأعمال الصالحة هنا يعلو أهل الهمم في الدنيا الفانية، هنا يعل أهل الخير والصلاح ( والأخرة عند ربك للمتقين ) هنا للمتقين فوزًا عظيم.
تعالوا بنا نحلق في سماء الماضي ونتأمل أشياء كنا متلهفين عليها في هذه الدنيا، وكان شوقنا يزداد يومًا بعد يوم عليها إلى أن يسرها الله لنا، فكانت بعد ذلك شئ عاديًا لا قيمة له عندنا بل بعضنا قد يضحك من ذكريات هذه المواقف، والعبرة أنك لا تغضب الله من أجل متعة زائلة فكل ما تشتهيه فإني ويعود إلى التراب، قال تعالى ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) .
بل أن الله لعن الدنيا كلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالمًا ومتعلمًا ).
فتأمل عندما تكون أعلى مبنى عالٍ جدًا وتنظر إلى السيارات والناس التي أسفل المبنى ماذا تجد، تجد وكأنهم نمل يمشي على الأرض وعندما تركب طائرة تجد هذا المبني ككرتون أسفل منك وكلما تعلى عن الدنيا تجدها صغيرة جدا وتافهة وحقيرة.
فالدنيا صغيرة جدًا ومغرية جدًا لمن لا يعلم مكانتها عند الله، فازهد فيها كأنك ضيف وراحل عنها ولا تتمسك بشئ أنت راحل عنه (والآخرة خير وأبقى ) فأنت في رحلة قصيرة وستعود قريبًا.
كل هذا دعوة لكِ أذكرك بمكانة الدنيا عند الله لكِ لا تنخدع فيها وتعرف قيمتها ولا تعطيها أكبر من حجمها، فعش فيها كأنك غريب فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وتزود من التقوى فهي خيرًا وأبقى .
وإلى لقاء آخر بإذن الله
مؤمن محمد صلاح
https://www.facebook.com/pro.momenms
momenms@gmail.com