نسور مواقف السيارات
بعض قصص هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم حراسا لمواقف السيارات العمومية من تلقاء أنفسهم، فجبوا أموال الناس بغير وجه حق.
نشر في 30 ماي 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ليس منا صاحب سيارة إلا و يندر أن لا يكون عاش قصة أو قصصا مع هؤلاء الحراس. حراس لم يطلب منهم أحد أن يحرسوا شيئا. يأتي أحدهم فيتصرف في الطريق العام و كأنه قطعة أرضية تركها له أجداده و سجلوها باسمه فلا يركن أحد سيارته بها إلا و وجب عليه الدفع. فإن دفع رضوا و إن لم يدفع إذا هم يسخطون.
من كل حدب و صوب
هم يخرجون من كل مكان و توقع أن تجدهم أينما يممت وجهك، لا يستثنون مكانا و لا زمانا إلا ما شاء الله. فقد حدثني أحد زملائي القدامى أنه كان ذات يوم من أيام فصل الشتاء متوقفا بسيارته في مكان خلاء بجانب البحر. و بينما هو يستمتع بمنظر البحر إذ خرج عليه أحد الحراس من حيث لم يحتسب مطالبا إياه بالدفع. غير آبه بكون الفصل شتاء و الجو بردا و المكان خلاء. فما كان من زميلي إلا أن أعطاه نحوا من درهمين. فلما تقالَّها الحارس طلب منه زميلي أن يعيدها إليه موهما إياه بأنه سيبدله بها أكثر منها. و لكنه ما إن استعاد المال حتى قال له: "انصرف إلى حال سبيلك".
صل و ادفع
إن كان بعض الحراس يمكن أن تقول له بأن يذهب لحال سبيله فهناك منهم من يجبرك تقريبا على الدفع. فقد كان أحد من قيل عنهم إنهم من ذوي السوابق العدلية يأتي قرب أحد المساجد كل يوم جمعة و يفرض نفسه حارسا للسيارات أثناء الصلاة، مستمدا شرعيته من سترة يلبسها و عصاً يحملها. و كان يأتي بزميل له فيجعله على أحد المخارج و يكون هو على المخرج الثاني فلا مفر لهارب من الدفع. فإن حاولت جداله غضب و رفع صوته و كأنه مستعد للعودة إلى السجن في كل حين.
ادفع ما تشاء و أطمع
و هؤلاء الحراس لهم سعر دنوي يتعارفون فيما بينهم عليه، و لكنك إن سألتهم فقلما يخبرونك به لأن وجودهم جباة على هذا النحو أصلا غير قانوني. بل يتركون لك المجال مفتوحا على اللانهاية عسى أن تجود يمناك عليهم بما استحيت ألسنتهم أن تنطق به. و مثال ذلك أني كنت ذات يوم قد ركنت سيارتي في مكان عام لا يحتاج معه لحراسة. و ما إن عدت حتى خرج علي الحارس الشاب الذي كان المكان في منطقة نفوذه الترابي المفترى فسألته : "كم يجب علي أن أدفع ؟" فقال "ادفع ما تشاء" فلما قالها أعطيته درهما واحدا. فلما رآه قال لي "من المفروض أن الناس هنا يدفعون درهمين". أو لم تكن من قبل قد قلت ادفع ما تشاء ؟
إن استطعت فرارا فافعل
كانت طريقتي في التعامل مع هذه النوعية من البشر أني إن استطعت تجنب الدفع فعلت. فإن كنت أعلم أني سأضطر للعودة قريبا لنفس المكان طرحت فكرة الفرار جانبا، إلا ما كان مني مع حارس سألته ذات يوم عن السعر، و لا سعر، فقال مازحا: "خمسون درهما". فقلت له: كنت سأعطيك ثلاثة دراهم أما و قد قلت ما قلت فلن أعطيك شيئا، و انصرفت إلى حال سبيلي و أنا أعلم أن علي العودة بعد شهر. فلما عدت بعد شهر و أردت أن أركب سيارتي فعلت ذلك سريعا و فررت تاركا إياه يلوح بيده متوعدا. فلما مر شهر آخر غيرت مكان الركن مخافة أن يذكرني أو يذكر السيارة فينالها منه ما يسوؤني.
خاتمة
و ما إنكاري على هؤلاء من بخل، و لكن المسألة مسألة مبدأ. و لأن أضع سيارتي بمرآب قانوني و أدفع ستة دراهم أو أكثر أحب إلي من أن يبتزني أحد هؤلاء مقابل درهمين أو ثلاثة. و لو أتاني أحدهم سائلا المال على وجه الصدقة فأعطيته لكان خيرا له من أن يأخذه و أنا كاره، فيأكله سحتا و حراما.
-
ياسين اشبانعبد من عباد الله و رجل من المسلمين