أنا وحماري !.
حين كنت صغيراً كانت تربطني بحمارنا علاقة وداً وصداقة ، فكثيراً ما كان يحملني حين أذهب إلى خالتي أو إحدي أخواتي وأحياناً إلى مدرستي ويومياً إلى أرضنا الزراعية البعيدة ، عن بيتناً ولطول المسافة بين البيت وحقلنا ، كنت أنتهزها فرصة وأشكو إليه من كثرة واجباتي المدرسية و صعوبة مادة الفرنساوي وعلاقتي مع بنت الجيران و امنيتي أن أكون ملاكماً ، وفي المقابل ويشكو لي من قلة غذائه من البرسيم أو العلف والمجهود الذي يتكبده معناً ليل نهار . و في أحد الأيام كنت فوق ظهره ولم نتحاور كعادتنا .
فقال : لماذا لا تتكلم ؟. هل أغضبتك في شيء ؟. لماذا لا تفضفض لي همومك ألسنا أصدقاء ؟. صدقني لن أبوح لأحد بأسرارك أو همومك ؟..
فقلت : نعم نحن أصدقاء ؟؟. ولكن ... ؟؟.
فقال : اشعر أنك مهموم ..! ماذا بك !. كلي آذان صاغية !.عرفني انا لا احب أن اراك بهذه الحالة فأنت عزيز عليّ !!
تنهدت بقوة وقلت : هل تعرف معني كلمة الحدود !!!
فقال : هل تستهزأ بي فأنا لم أذهب إلى الجامعات ولم أدخل الخدمة العسكرية ، فجُل وظيفتي أن يمتطيني من يذهب الي المدارس أو المزارع .
فقلت : حاشى لله أن أستهزأ بك !!
فقال : استسمحك أن تعرفني إياها حتي أتفخار بها بين أصدقائي من الحمير .
فقلت : الحدود هي فواصل اصطناعية أوجدها الإستعمار ليفرق بيننا كشعوب عربية حتي يتفاخر كل شعب بقوميتة و بوطنه أو يتناحروا فيما بينهم .
فقال : من الواضح يا صديقي أنك تكره الحدود !!..
فقلت : أنها تفرق بين الأخ وأخيه و تسبب الضغينة والبغضاء والكراهية وكم اشعلت حروب بين بنو العرب ، فهل تريد اشاعة الكراهية بينكم بنو الحمير ؟..
هنا نهق الحمار بقوة وكأنه لسان حاله مساكين أنتم بنو العرب رضختم و رضيتم بالشقاق ، كما نرضخ نحن اليكم ما الفرق بيننا إذاً !.
فقلت : هل تعلم أني احلم بيوم اطوف بوطني الكبير وتكون أنت مطيتي ، امزق هويتي ويكون سلامي ولساني جواز سفري ،وبرغم طول الطريق ، لن أحمل أمتعة كثيرة ، فالأحبة كُثر ، سأذهب إلى القدس الشريف أصلي فيه المغرب ثم أشرب كوباً من الشاي ولا مانع من المبيت عند أحدهم فلي معهم من الود الكثير ، ثم ننطلق الي دمشق ومسجدها الاموي وريفها العفي أتناول غذائي من التبولة ونواصل إلى بغداد أقبل رؤوس فقهائها واترحم علي شهدائها ، وأنزل إلى مكة حاضر الإسلام ، أطوف بالبيت العتيق وأشرب من ماء زمزمها . ثم أنحدر صوب اليمن السعيد اشرب من قهوته واسلم علي شيبانه ذوو القلوب الطيبة ، واخّيم في صلالة عُمان حيث الشعر والخيالة .
ثم أنطلق ننطلق غرباً أصعد فوق روابي برقة الخير وأجلس الي أحبتنا في سودان أم درمان دار السلام والعزة ، و أغني مع أهل تونس في ساحة النصر إذا ما الشعب أراد الحياة . أقف عند نصب شهداء التحرير بجزائر الكفاح ، أهبط إلى مغربنا لأشم عبق التاريخ بجوار منارة العنق ونسيم الأطلسي لأجدد نشاطي، اهّيم مع اشعار نواكشوط المرسومة علي الجدران مدينة الحب والخيال .
فجأة توقف الحمار ونهق بصوت عالي وكأنه يبعث برسالة لي أن استيقظ يا صديقي وكفاك حلما وخيالا ، من فضلك أريد برسيما وإلا فلتنزل من علي ظهري .
فقلت : له مهلاً يا صديقي ما الذي اغضبك مني هكذا؟؟.
فقال : الأن فقط لا اعلم من فينا الحمير نحن أم أنتم معشر العرب .
-
رزق محمد المدنياتعلمون من انا؟؟اتجهلون من أكون؟؟ ... انا الذي علمتني سورة الصف النظام .. وللتوحيد وجهتني الاخلاص والأنعام.. والحجرات ادبتني بأخلاق الاسلام عــلمتني الحيــاة ، أنا لا أبيــع " هيبة الصمــت " بالرخيص من الكـلام ، فالكـلا ...