في صباح أحد أيام الشتاء الباردة خرجت من منزلنا في إتجاه محطة المسافرين أحمل مكرهة معي بالإضافة إلى أغراضي القليلة المعتادة ,إناء غسيل إضافي بعدما أصرت أمي الغالية على أخذه ,لأنني في العادة أرفض حمل أي شيء لا يحمل فائدة أو لازمة ضرورية .. سرت بإناء الغسيل ذاك -والذي سيكون بطل الحكاية بعد قليل- بمعنويات محبطة شأن كل صبيحة أعود فيها إلى الإقامة الجامعية , والغريب في الأمر أن حتى الجو يتآمر مع معنوياتي في ذلك الصباح فيزيدني كآبة و مرارة .. المهم بعد ساعة أو أقل من الإستماع لمحاضرات ودروس وخطب وتحليلات سائق السيارة , سائق السيارة هذا الذي يكون في غالب الأحيان يعرف كل شيء ويتكلم في كل شيء ويسعى دائما لمعرفة كل شيء , ولكن غالبا كل هذا الشيء يصب في خانة الأشياء المزعجة التي لا تلصح لشيء ولا تخدم أي شيء , وصلنا أخيرا إلى محطة أخرى أي سيعاد نفس السيناريو الأول .. ولكن في هذه المرة حدث شيء غير إعتيادي بفضل بطلنا إناء الغسيل .. وأنا أنتظر بفارغ صبر معتاد توفر مكان شاغر للركوب في ظل الاكتظاظ والشجار على تلك الاماكن ذاك المنظر المصغر عن يوم الحشر , إذ بسيارة أجرة تقف أمامي مباشرة تنتظر فقط مني الركوب , المهم أنا في داخلي أحسست أن هذا الرخاء وراءه شيء كبير , ركبت وماكدت أركب حتى تدافع الركاب كالسيل في إتجاه السيارة , ولكن بعد ركوبي تذكرت أنني نسيت إنائي مكان ما كنت واقفة , فأصر السائق على إحضاره ووضعه في أماكن الحقائب .. وفجأة وأنا أحضرسماعاتي لتجنب سيناريو الرحلة الأولى إذ بي أسمع لغطا وصراخا وشجارا حادا, فنزل كل من في السيارة ينظرون مصدر كل هذا , فوجدنا سائق سيارتنا في شجار حاد مع أحدهم قيل أن السائق أخلف وعده في حجز مكان له أو شيء من هذا القبيل , عادي لم أبالي كثيرا وأكملت فك عقد سماعاتي , ولكن ما شد نظري فجأة أن أحد أشيائي تشارك فعلا وبشكل رئيسي في الشجار.. نعم إنه إنائي ,ولكن الأغرب من مشاركة إنائي في الشجار , هو الشخص الثاني المشارك في الشجار , فقد كان مألوفا لدي فور رأيته , رغم تغير ملامحه بعض الشيء , لقد كان أحد زملائي أيام الدراسة .. في ذاك الوقت فقط تغير مزاجي المحبط إلى مزاج لم أستطع تعريفه , أكان شفقة على زميلي المسكين الذي يقدر له أن يضرب بإنائي بعد ما يقارب العشر سنوات , أم هوإزدراء لسائق السيارة الجشع , أم هو خوف على إنائي أن يكسر في معركة ليس له فيها لا ناقة ولا جمل, أوكيف للقدر أن يجمع بين كل هذه النوادر في حدث واحد  .. المهم بعدما تم الشجار إسترجعت إنائي وعدت أنتظر من جديد قدوم سيارة لا تقف أمامي طبعا ...