هل أنا كومبارس ؟
دور غير مؤثر وغير مذكور في الحياة
نشر في 25 مارس 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أثناء عملي بأحد الأماكن التجارية في القاهرة , جاءنا أحد المنتجين لمسلسل بطولة الفنان أحمد عبد العزيز , أفصح عن حاجته لبعض الشباب , يقوم بدور بائع خضار , حيث يجلس بلباس بائع خضار وأمامه بعض حبات الطماطم والخيار لمدة ساعة , ومقابل ذلك يأخذ كل واحد مائة جنيه
وهل اشتركت في هذا الدور أم رفضت ؟
بالطبع اشتركت, وكنت سعيد جدًا, وانتظرت لمدة عام حتى تم عرض المسلسل التلفزيون لأرى نفسي عدة ثوانٍ في المسلسل ((هذا ما حدث مع زميلي بالجامعة محمود عندما كنّا بالفرقة الثالثة)).
الكومبارس بالإيطالية هو ممثل «زائد» ، وهو مواطن عادي, يجلبونه من الشارع بأجرٍ, يلعب دورًا بسيطًا في عرضٍ فني، لا يظهر له أهمية كبيرة ملحوظة، إلا أنّه غالباً ما يساعد على خلق مناخ طبيعي للقصة, دائمًا تجد من يؤدِ دور الكومبارس أعدادهم كثيرة جدًا, أكثر من الحاجةِ إليهم , وإذا زادت الحاجة لمن يؤدِ هذا الدور, فتستطيع بكل سهولة أن تجد من يقوم بهذا الدور, كما حدث مع زميلي محمود
نادرًا ما نتذكر في المشهد الذي نراه دورًا مؤثرًا لأحد الكومبارس يظل بذاكرتنا فترة من الزمن , وإذا حدث ذلك , يكون بأدائه دور نضحك فيه حتى السخرية والاستهزاء ممَّا يفعل
أخبرنا أحد أساتذتنا السوريين وهو أستاذ بالدراما , أنَّه في أحد الأدوار المسرحية كان يؤدِ دور ملِك , وفي أحد المشاهد الحزينة جدًا , وجد بعض الجمهور يضحك بشكل هستيري , لدرجة أنَّه بدأ يشك في مظهرهِ أو مكياجهِ , حتى اكتشف أنَّ أحد الكومبارس الذي يقوم بدور حارسه , ويقف خلفه , يتمايل يمينًا ويسارًا من شدة النعاس وهو يتثاءب.
الكثير منَّا يُبدع ويُجيد دور الكومبارس , حتى يعتاد ذلك , ويؤمن أنَّ هذا دوره الذي خلقه الله لأجلهِ , بالرغم أنَّه دور يستطيع الجميع القيام به , فهو لا يحتاج لمهاراتٍ من نوعٍ خاص , ولا للغاتٍ صعبة , ولا مجهودٍ زائد عمَّا يفعله طفلٍ صغيرٍ إمكاناتهِ متواضعة.
تقول الحكمة (( إذا قلَّ أمثالك زادت الحاجة إليك )) وهذه صفة لا تتوفر فيمن يؤدِ دور الكومبارس
فالمؤسسة التي تعمل فيها , بها الكثير يؤدِ هذا الدور - إلاَّ القليل- الذي يتم اللجوء إليه ويظل يذكره النَّاس , فهل أنت هذا البطل؟!
وفي الدراسة الكثير من الطلاب يؤدون هذا الدور - إلاَّ - الذي يحتاجه الجميع في أخذ رأيه ومشورته , فهل أنت هذا البطل ؟!
وأغلب الأسر تؤدِ هذا الدور , بل وتربي أطفالها على لعب وإجادة هذا الدور- إلاَّ أسر قليلة- يُشار لها ولأطفالها أنها متميزة , ومختلفة , فهل أسرتك منهم؟!
وأكثر الزوجات تُبدع في هذا الدور - إلا القليل - اللاتي يُقال عليهن, وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة , فهل أنتِ هذه المرأة ؟!
وهذه هي نصيحة جارنا الأستاذ أحمد الذي قالها لي بعدما أُحيل للمعاش , وما زلت أذكرها ما حييت (( إذا أردت أن تحيا , حياة سوية , صحيحة , ناجحة , فلا ترض لنفسك أن تكون كومبارس , ولتلعب دائمًا دور البطل))
-
إسلام عليمدرب تنمية إدارية وتطوير ذاتي