الشوفينية بين الأمس واليوم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الشوفينية بين الأمس واليوم

نظرة بين قوميات الأمم وتطرفها

  نشر في 03 أكتوبر 2017 .



الشوفينية : ما هي الشوفينية ؟ ولماذا سميت بهذا الاسم ؟

في القرن الثامن عشر , بينما كان الجندي Nicolas Chauvin نيكولا شوفان في جيش نابليون بونابرت , بالرغم مما عاناه هذا الجندي من إصابات عديدة وتشوهات في جسده نتيجة المعارك و الحروب التي كانت بسبب أطماع النظام الجمهوري, إلا أنه كان مدافعاً شرساً عن نابليون و نظامه !

كان أي شخص يعارض الجمهوريه الفرنسيه في ذلك الوقت , كان نيكولا شوفان يهاجمه و يتطاول عليه بدون أي منطق و حكمة عقلية .. و من هنا أتسمت ظاهرة العنهجيه و الدفاع الغير عقلاني عن أي نظام أو فكره مع تحقير أي رأي مختلف بالـ الشوفينية chauvinism .

صعود التطرف وخطر النزعات القومية الشوفينية في أوروبا

أحزاب يمينية أوروبية ستدخل الساحة السياسية من أبوابها الكبيرة بسبب مشكلات كثيرة محلية وإقليمية ودولية تواجهها أوروبا، لعل أبرزها الإرهاب وتدفق الهجرة، ممّا زاد من تنامي الخطاب العنصري، وانتعاش النزعات القومية والشوفينية، وهي أمور لها تداعياتها على العالم العربي وعلى الحكومات أن تفتح باب الحوار مع شعوبها.

ثمة مؤشرات بالغة الخطورة عن تصاعد مد التطرف، والنزعات الشعبوية، والنزعة القومية في أوروبا، ويمكن رصدها في خمس دول أوروبية شهدت صعود أحزاب متطرفة، أو شعبوية، أو قومية إلى الحكم في الفترة الأخيرة هي: فنلندا، المجر، سلوفاكيا، النمسا، وبولونيا، حيث تنتهك حكوماتها كلها القوانين والمواثيق الدولية، ولا تبالي بقيم حقوق الإنسان التي ميزت مسيرة الاتحاد الأوروبي، كما أن نتائج الاستفتاء البريطاني مؤخرا، شكل تهديدا لمسيرة بناء الاتحاد.

فعلى مستوى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يشهد برلمانه تمثيلية متزايدة للتيارات اليمينية المتطرفة والشعبوية، حيث تمثل حوالي 23 بالمئة من إجمالي تمثيلية البرلمان الأوروبي.

لعل اول مظاهر الشوفينية العملية بسلبياتها المفرطة تتوءمت مع ظهور الدول القومية الاوربية المعاصرة في اواخر القرن التاسع عشر كالاتحاد الايطالي الذي اسسه (كافور) والاتحاد الالماني الذي اسسه (بسمارك) الا ان اشد معالم الشوفينية تجسدت في القومية التركية والعربية الحديثتين وخاصة من خلال جمعية (الاتحاد والترقي) التركية وجماعة (الكماليين) الذين يمثلون فكر كمال اتاتورك في صناعة تركيا الحديثة على اساس التعالي على الشعوب الاخرى.

شوفينية الاتحاد والترقي نحو قوميتهم التركية ظهرت بوادرها حتى قبل ظهور الجمعية ذاتها في المرحلة التي برز فيها مفهوم الدول القومية باوربا.. فالعثمانيون آنذاك بدأوا سياسة لصناعة دولتهم بالشكل القومي بعد ان استمرت لاكثر من قرن خلا ملتفة بعباءة الدين الاتحاد والترقي والكماليين تعاملوا مع قوميتهم بشوفينية مفرطة معتبرين انفسهم وقومهم اسمى من غيرهم من الشعوب والاقوام.. في عين تلكم المرحلة اواخر القرن التاسع عشر التي محورت فكر القومية الضيقة في اوربا وبلورت القومية التركية في الغرب الاسيوي شهد الشرق الاوسط نمو افكار قومية جديدة على يد الساسة العلمانيين المسيحيين في لبنان وسوريا كانت النواة لفكرة القومية العربية مستقبلاً.

نحن هنا لا نزدري او نحارب قومية ما بل نزدري وصول مراحل هذه المشاعر الى حد كره واقصاء ومعادات الاخرين لانهم لا ينتمون لهذه القومية او تلك، فالكرد مثلاً في شمال العراق وجنوب تركيا ذاقوا مرارة الشوفينية التي تركتهم الجغرافية اسرى فشمالهم دولة تركية قومية تزدريهم بانهم ليسوا اتراك وجنوبهم نظام قومي عربي شوفيني وصلت بهم الشوفينية العمياء لاعتبار اقطار بعيدة عنا بل مشكوك حتى في انتماءاتها العربية مثل اقطار المغرب العربي وموريتانيا والسودان هي اقرب للنظام من الكرد الذين هم جزء من شعبه على اساس ان اولئك عرب والكرد ليسوا بعرب (والمعروف ان المغاربة والموريتان والسودانيين على سبيل المثال هم خليط بين البربر والامازيغ والزنوج والنوبيين وكلهم ليسوا عرب!).

بروز معالم الشوفينية المعاصرة

الا ان بروز الشوفينية السياسية المعاصرة بكل تجلياتها ظهر على يد الحزبيين الدكتاتوريين في اوربا في النصف الاول من القرن العشرين الفاشست والنازيين.. الحزب الفاشي الايطالي الذي قاده موسوليني للاستيلاء على السلطة عام 1922 في ايطاليا نادى بأمة ايطالية بافضلية على الشعوب الاخرى معيدا ان هذه الامة هي حفيدة للدولة الرومانية التي حكمت العالم القديم مما يعطي لهذه الامة حق حكم العالم الجديد.. اما حكم الحزب النازي الهتلري الذي يعد واحدا من ابرز الاحزاب الشوفينية في العالم فقد قدم طروحات غاية بالغرابة واللا انسانية معتبرا وفق المفهوم(الانثربولوجي) ان الجنس الالماني (الاري) هو اعلى اجناس البشر وهو من يجب ان يحكم العالم اما باقي الاجناس والشعوب فهم ليسوا الا خدم وعبيد لهذا الجنس، بل وصلت المغالاة لدى هتلر انه اعتبر بعض الشعوب كالساميين (عرب ويهود) هم اقل مرتبة من القرود على اساس انه يؤمن بالنظرية التطورية للانسان للعالم الامريكي (تشارلس داروين) الذي وضع وجهة نظره المدحوضة لاحقاً بان الانسان تطور عبر مراحل كانت القرود مرحلتها الاولى!!. شوفينية النازيون والفاشست دمرت اوربا باسرها وادخلتها في الحرب العالمية الثانية بكل فضائعها.

تطور مفهوم القومية العربية بُعيد الحرب العالمية الثانية وخاصة في مرحلة (جمال عبد الناصر) ومن تلوه من رعاة الفكر القومي العربي استعملوا اكثر واشد انواع الشوفينية في التعامل مع غيرهم من الشعوب ولعل هذا واحد من اهم اسرار مشكلة الاقليات في بلدان الشرق الاوسط باعتبار ان الحكومات الشوفينية عاملتهم بتمييز عجيب مما خلق عدم توازن اجتماعي بهذه البلدان كما هو الحال في مصر ولبنان والعراق وغيرهم.

مستقبل المفهوم

التطور الفكري والسياسي والاجتماعي الحديث بكل ما حمله من سلبيات قدم ايجابيات رائعة لعل اهمها تأكيده على حقوق الانسان قبل واجباته وانتماءاته وما شاكل .. مفاهيم احترام حقوق الانسان وعدم التمييز والتعايش السلمي وكلها من نقائض الشوفينية هي مفاهيم قديمة وجدت في الكتب السماوية والوضعية القديمة ونادى بها الانبياء الاوصياء والمصلحون ولكن تبنيها كان طوعاً للحاكم بالتالي ظلت امداً بعيداً من الزمن تعيش بتغييب جلي عن الواقع المعاش.

اليوم نجد ان الفكر الشوفيني موجود في انظمة سياسية عالمية محدودة وبعقول مفكرين ورعاة قوميين محدودين ايضاً ولكنه مزدرى ومرفوض بكونه يمثل شرخاً وانتهاكاً صارخاً لحق الانسان في الحياة المتساوية مع بني جنسه كما اراد له خالقه.. وهنا من الضروري التنويه الى ان رفض وازدراء الشوفينية لا يمثل طعناً بالوطنية او الولاء لمبدأ او القوم بل هو رفض لازدراء وتحقير الاخرين لانهم لا ينتمون لنفس ما ينتمي له (س) من الناس.. بالتالي التعايش والاحترام هو اساس فكري لمواجهة الشوفينية والفكر التفضيلي بين البشر.

أن اخطر ما نواجهه اليوم فى منطقتنا العربية طوفان من تلك الشوفانية المفعمة بالكراهية المفرطة ما بين شوفانية تركيا وايران وأسرائيل , لعل لكل منهما منهجه وشوفانيته الخاصة به ولكنها كلها تصب فى أناء واحد , هو المنطقة العربية مع غياب للزعماء والقادة ومن يحمل راية القومية العربية بها , فكل رئيس لبلده قد أنغمس تارة فى كرسيه لا يبارحه وتارة آخرى يلعب على وتر القادمين القدامى والجدد إلى منطقتنا , فنجد زعماء قد رحبوا بالاتراك ونصبوا لهم قواعد ببلادهم , وآخرين قد أستقبلوا الايرانينين يحاربون معهم من هم من جلدتهم , وآخرين قد وقفوا خلف أسرائيل يدا بيد وذراعاً بذراع .

المراجع :

موسوعة ويكيبديا – جريدة العرب اللندنية - موسوعة السياسة – د. عبد الوهاب الكيالي - الموسوعة العربية الميسرة – رأى الكاتب.


  • 1

   نشر في 03 أكتوبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا