علي سفوح الهضبة الجبلية الدائرية تتناثر التلال الرملية بين آن و اخر.. بقايا روح صبية بيضاء تكسوها ثياب بيضاء مهلهلة و يتناثر شعرها الاسود الحريري في الهواء مسدلآ بعضه علي وجنتيها..
موارية يداها الي الخلف و اطراف اقدامها المتدلية للوراء علي حافة الهاوية في عدة للسقوط..
تتمسك بين الاحتماء بالهضبة دافعة اياه بعيدآ عنها للآ تسقط في الهاوية..
يقترب منها و هو حاملآ اياه معوله يهوي دفعها الي حافة الهاوية.. تنطلق من عيناه شرارة الانتقام..
تآوي عالقة بسفح الجبل تتدلي قدماها في الهاوية و شعرها الاسود يتناثر في كل جهة صرخاتها المدوية تعلو مستغيثة بالنجدة الا انها تحوله لضحكات مخيفة..
لاذلت يداها الصغيرتان متمسكة اياها بحافة الهضبة باتت آوية النجاة.. بينما يرمقها بنظرات الشماتة و الحقد..
اعمته نفسه التي لم تآوي الا الانتقام.. غير مبالية باي احساس انساني و كانه قد تبلد الشعور فبات بلا مشاعر..
لاذال عالقآ في رأسه مشهد سقوط الصبية بعدما دفعها الي الهاوية.. كان صراخها عال لدرجة القوة.. دوي الي ذهنه اصوات ارتطام رأسها التي هوت علي الارض صريعة فتساقطت الي اشلاء و سمع انفجار جهازها العصبي..
بات جامدآ بلا مشاعر تذكر.. لم يتحرك ساكنآ لما جنته يداه.. عاد بكل برود الي سيارته التي آتت به الي منزله في الحال..
ايقظته اصوات الشرطة القابعة عند منزله تعالت دقاتهم علي المنزل.. فهرع من مخدعه ليفتح لهم الباب..
ولجت الشرطة الي الداخل و بات كل منهم يفتش ارجاء الموضع بينما امر الظابط بوضع القيود في كفي الرجل..
ينظر حوله بتعجب كيف باتت الشرطة تدر جريمته الا انه بات مصرآ علي الانكار..
محكمة منعقدة خيم عليها الصمت باتت النيابة توجه تهمة القتل العمد للرجل الذي لم يبد عليه اي شعور..
و كأن الامر لا يعنيه باتت النيابة توجه اليه التهم و الدفاع يبحث عن الثغرات بينما هو لا يلقي اهتمام بالامر..
توجهت جموع الانظار اليه حينما آن الدفاع من المحكمة ان تبدي لموكله السماح بالدفاع عن نفسه نظر اليهم بلا اهتمام بدي ساكنآ للعيان يرمقهم بعبارات مقتضبة :
لقد دفعت الخائنة الثمن و بات عليها حتمآ ان تموت و قد آن..
ينظر اليه النيابة باهتمام بينما يستغلها الدفاع صارخآ :
تكلم يا - حاتم - و دافع عن نفسك ماذا تقصد بعباراتك خيانة زوجية؟؟
بل خيانة انسانية.. لم اكن اتخيل للحظة ان الصبية التي كفلتها في صباها كانت تنوي قتلي للاستيلاء علي الميراث... و مع من تتفق مع رفيق دربي الذي هوي بكل رفقتنا الي الجحيم..
نسمع صراخ رجل في منتصف القاع
لم يحدث ابدآ ما ظننت قتلت نفسآ بأثم ظنك.. لقد قتلتها في الليلة التي اعدت المسكينة لك حفلآ خيريآ لمساعدة المرضي... كم اثم روح مريض لم تلقي العناية في ذنبك....
نسمع صراخ - حاتم - الغاضب :
لالالا مستحيل..
اعلن القاض تأجيل القضية الي حين اخر بينما ترك - حاتم - تائهآ في افكاره.. قاده السجان الي غرفته الانفرادية و هو ينظر الي يداه بخوف ماذا جنت يداه..
هل قتل الشك الاعمي كفيلته التي كانت بمثابة ابنته.. و خسر رفيق دربه..
باتت صورة رحيلها لا تفارقه و دمعاته تنهار ندمآ علي ما جنته يداه..
بين ممتلكاته المبعثرة في الغرفة يلمح حقيبة صغيرة كان قد آل بها اليه رفيقه طالبآ منه ان يفتحها لانها له..
رأت عيناه لوحة ورقية مخطوطة بيد كفيلته - علا - و قد رسمت مستشفي هائل و صبية صغار مرضي ترافقهم صبية صغيرة..
بات ضميره يؤلمه بقوة آن اليه القرار و ان ما اجترفت يداه لعله يكفر عن اثمه.. قرر ان تئول جميع امواله للمستشفيات الخيرية صدقة جارية علي روح - علآ-
باتت المحكمة تجتمع للادانة بات اثمآ معترفآ بجرمه كل ما يعنيه الان ان يذكر عن كل اثم ليلاقي الله بقلب تائب..
بات الامر حساسآ علي المحكمة المحرم قد تاب و اعترف بجرمه محاولا التكفير عن ذنبه بكل الطرق و لكن العدل قد آن.. آلت المحكمة القرار بإحالة اوراقه الي المفتي..
كان يدر انه يستحق العقاب لم يبد حزن لاعدامه الا انه كان حزينآ جدا علي كفيلته يقترب منه رفيقه الذي يرمقه بالحزن ينظر اليه - حاتم - حزينا موصيا
لا تنسي زيارة قبر - علا -
يقوده السجان الي غرفته و هو يشعرون قرارة نفسه ببرائته يسال نفسه كيف اقتاد الصبية الي الجبال..
ينظر اليه بتمعن :
هل قتلت حقآ - علا - اتركني اساعدك..
ارجوك سيدي انا نادم بشدة علي ما جنته يداي..
في اللحظة التي كان يستعد فيها لاعدامه كان للطب الشرعي رأي اخر .
صرخ الظابط فيهم قائلآ
فليتوقف كل شئ فورآ اثبت تقرير الطب الشرعي وفاة - علا - بأزمة قلبية مفاجئة.. لذا - حاتم - برئ
لم يصدق ما رأته عيناه حينما اطلق سراحه الا انه كان حزينآ لفراق - علا - و يشعر انه السبب في موتها..
عند القبر جاثيآ علي اعتابه تنهمر الدموع من عيونه مواريآ من خلفه شبح صبية بيضاء.. ترمقه بعيناها
اشتقت اليك كثيرآ يا من كنت بمنزلة ابي..
الليلة التالية جسد هامد بلا حراك علي اعتاب القبر مات حزنآ و كمدآ يواريه رفيقه الرمال.. تراقبه من بعيد شبح رجل و صبية مبتسمين بعد ان تلاقت الارواح...
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب