استيقظ ياقوت على صوت الطرق العنيف الذي كاد أن يُحطم باب بيته، ليقفز من فراشه متوجهاً إلى الباب ويُدير مقبضه في عُنف ، ليجد أمامه ثلاثة حراس ضخام الجثة ذو شوارب ولحى كثة ، ينظرون أسفل أقدامهم ، ثم يرفعون ووجوههم في وجه ياقوت، يرمقونه بنظرات غاضبة، فينظر ياقوت تحت قدميه ليجد جثة شيخ طاعن في السن مفصولة الرأس!
وضع أحد الحراس يده على كتف ياقوت النحيل وجذبه من ملابسه وقذفه خارج البيت ، فسقط ياقوت على الأرض متألماً، وسارع الحارسان الآخران في تقييد يديه من الخلف، بحبل أسود شديد الخشونة، وأوقفوه وساروا به دفعاً في الطريق إلى السجن الأسود، وسط ذهول العوام وصمتهم
صاح ياقوت:
- أنا مقتلتوش .. معرفش مين الرجل ده
- امشي يا مُجرم..متفتحش بؤقك
قالها أحد الحُراس وهو يلكُمه في وجهه بقبضته القوية..وعلى أبواب السجن الأسود..
افتح يا مالك..عشان نرمي الكلب ده في زنزانة تليق بيه
أدخلهم مالك من بوابة السجن الحديدية التي تغطيها نقوش بارزة على شكل جماجم مُحطمة ، هذا السجن الذي لا يُغادره نزيل إلا إلى مقابر القرية.
ألقوا بجسد ياقوت النحيل على أرض الزنزانة الضيقة المُظلمة، التي تقبع العناكب وبيوتها الحريرية في أركان سقفها، وتزحف على أرضها الحشرات المقززة..زنزانة لا يدخلها الضوء، ولا يتسلل إليها الهواء إلا من تحت عُقب الباب.
بكى ياقوت بشدة وأسند رأسه على أحد جُدران الزنزانة وصرخ :
أنا بريء انتوا ليه رمتوني هنا؟!
ليُخاطبه صوت أجش لا يعرف مصدره
- اهدى .. أنا عارف إنك مظلوم
ارتعدت فرائص ياقوت وتعرق وجهه قمحي اللون بغزارة، حتى ابتل شاربه ولحيته.
- انت مين؟!
- اللي بيحصلك ده حصل لشاب زيك من خمسين سنة، اترمى في الزنزانة لمدة أسبوع، وبعدين أعدموه.
- ايه؟!.. لأ أنا اكيد اتجننت..الصوت ده مش موجود..أنا اكيد بهلوس.
يتبع..
التعليقات
1- ذكرك لتفاصيل محسوسه دقيقة
في القصة ،
وهي :
" حراس ضخام الجثة ذو شوارب ولحى كثة"
" وجهه قمحي اللون بغزارة " ..
" تقبع العناكب وبيوتها الحريرية في أركان سقفها، وتزحف على أرضها الحشرات المقززة " ....
والتي بدورها شخصت المشهد وكأنه مشهد محسوس ماثل امامنا !!
2- احببت اسلوبك اللغوي من حيث السلامة والإنسياب والسهولة .
3-من ناحية المضمون القصة مشوقة ومخيفة ،
ولو انني حزنت على ياقوت النحيل !!
** اكثر ما لفت انتباهي في كتاباتك "ككل" :
إهتمامك بمقدمة المقال أو القصة !! من حيث إستخدامك لمقدمات
تشويقية أو إثارية للفت الإنتباه ، لحث القارئ على المتابعة وإكمال القراءة ، وقلة من يهتمو بذلك !!
واخيرا :
" اتشوق لمعرفة سبب دخول ياقوت إلى الزنزانه في إنتظار تكلمة القصة "
بالتوفيق .